التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ١٣٥
منطق واحد يوجه تحركاتهم، بدون ضابط، هو منطق العاطفة الجامحة، بما فيه من مثالية وتجرد واندفاع. وكان من الطبيعي ان يتعارض منطقهم هذا مع منطق أمير الكوفة، وان تكون صرخة هذا الأخير في غير محلها ولا تلاقي من يصغي إليها في صفوف التوابين (1).
فقد اعتمدت منطق العقل في تصوير الموقف السياسي في الكوفة وفي تجسيد الخطر الذي يتهددها على يد الأمويين إذا ما استمرت جبهتها في التمزق وقواها في التبعثر.
أنهى سليمان قراءة الكتاب الذي وصله من أمير الكوفة بتنهيدة رافقها هذا البيت من الشعر:
أرى لك شكلا غير شكلي فأقصري * * * عن اللوم إذ بدلت واختلف الشكل (2) وهو لا شك يعبر بصدق عن التناقض في المواقف والأهداف بين كل من التوابين وبين ممثل ابن الزبير في الكوفة.. فلم يكن هناك - أي رابط مبدئي يربطهم بهذا الأخير، أو يدفعهم إلى التعاون معه انا وهؤلاء مختلفون... ولا أرى الجهاد مع ابن الزبير الا ضلالا،

(1) الطبري: 7 / 71 - 72.
(2) الطبري: 7 / 72.
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»