التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ١٢٩
ثوابا من الجهاد والصلاة، فان الجهاد سنام العمل جعلنا الله وإياكم العباد الصالحين والمجاهدين الصابرين على اللأواء. وانا مدلجون الليلة من منزلنا هذا ان شاء الله فأدلجوا (1).
كان لهذه الخطبة تأثيرها الجلي في نفوس التوابين، وفي تهيئة المناخ المثالي والملائم للبدء في عملية التنفيذ... واطمأن سليمان في أعماقه وأيقن ان القوم في (النخيلة) سائرون معه دونما تردد. فغادروا جميعا المعسكر متخذين طريق كربلاء حيث قبر الحسين حاملين اليه آلامهم بكل تفجعها وذنوبهم وقد بلغت من الثقل حدا لا يطاق... وأي لقاء سيكون أشد ايلاما وأقسى مرارة من لقاء التوابين بالحسين، لقاء المذنب المستغفر في حضرة صاحب الشفاعة، لقاء المتخاذل عن نصرة الحق في مقام شهيد الحق. كان ذلك مواجهة مباشرة مع الذنوب، مع الخطايا، مع الضمير الذي استفاق..
مواجهة تجلت فيها ضخامة المأساة، وقتلت لديهم كل احساس بالكبرياء ورغبة في العيش، وفوق ذلك كان تجمعهم حول قبر الحسين، جزءا من التحرك الذي حانت ساعة تنفيذه... فهو لن يقتصر على الانفعالات وطلب الغفران، وانما كانت له

(1) الطبري: 7 / 69.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»