التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ١٣٠
أيضا أبعاده السياسية لتكريس الميثاق الذي التزموا به، ووضع أنفسهم في أجواء الشهادة التي بلغت أسمى درجاتها البطولية مع سقوط الحسين في كربلاء.
وقد يذهب بنا الخيال بعيدا إلى ذلك الزمن، وينقلنا إلى تلك الأرض، فنتصور رهبة اللقاء وضجيج التوابين وهم يدورون حول قبر الحسين، ينشدون بصوت موحد نشيد الغفران والتوبة، ويهزجون بايمان عميق أهزوجة الموت والشهادة: اللهم انا خذلنا ابن بنت نبينا، وقد أسأنا وأخطأنا، فاغفر لنا ما قد مضى من ذنوبنا، وتب علينا انك أنت التواب الرحيم. اللهم ارحم الحسين، الشهيد ابن الشهيد وارحم إخواننا الذين حصنوا أنفسهم معه بالشهادة. اللهم إن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين (1).
وفي أثناء ذلك، كانت أخبار التحرك والاستعدادات تتسرب إلى مسامع أشراف الكوفة، الذين أحدق بهم الخوف والهلع على مصيرهم. وكان أشدهم قلقا عمر بن سعد الذي التجأ إلى قصر الامارة طلبا للحماية والأمان (2).

(1) الفتوح لابن الأعثم الكوفي، (مخطوطة) 1 / 255 - 267 - نسخة اسطنبول.
(2) الطبري: 7 / 68، ابن الأثير 4 / 74.
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»