التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ١٣٨
موتهم البطولي. فالتفت إلى الحاضرين في ديوانه مرددا وكأنه يسر إلى نفسه:
استمات القوم ورب الكعبة، وأول خبر يأتيكم عنهم بأنهم قتلوا بأجمعهم والله لا قتلوا حتى يكثر القتل بينهم وبين عدوهم (1).
فرغت الكوفة حينئذ من زعماء التوابين الذين غادروها وهم في ذروة الحماسة إلى (النخيلة)، المعسكر الذي هرع اليه رفاق آخرون، اشتركوا معهم في تلك المسيرة النضالية الرائعة، لخوض معركة الانتقام البطولي ضد النظام الأموي ولضرب ما عبروا عنه بقواعد الطغيان والظلم. وكانت بعض العناصر الشيعية التي استهوتها حركة سليمان قد أخذت بدورها تغادر الكوفة تباعا وتلتحق بمركز التجمع في (النخيلة)، دونما التزام، أحيانا، بمواقف قبائلها التي لم تقتنع زعاماتها بدعوة سليمان ووجدت فيها مجرد مغامرة انتحارية لا هدف منها سوى تبديد الجهود وهدر الطاقات دون أي نتيجة ايجابية على صعيد حركة النضال الشيعي. وهذه الظاهرة كانت من أبرز سمات الجيش الذي خاض به التوابون معركة

(1) الفتوح لابن الأعثم الكوفي 260. نسخة اسطنبول (مخطوطة).
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»