وضحت هويتها وتبلورت أهدافها.. وهي في شتى الأحوال تخدم مصالح أمير الكوفة وسيده خليفة الحجاز، فهي كحركة ثورية موجهة ضد النظام الأموي - العدو الرئيسي والمشترك للحزبين الشيعي والزبيري - تؤدي بالنتيجة إلى استنزاف طاقات الأمويين وتؤخر استعداداتهم الحربية لاسترجاع العراق، ومن ثم الحزب الزبيري في عرينه. هذا المنطق يمكن تفسيره كأساس للعلاقات بين الحزبين التي سبقت ورافقت تحرك التوابين، وهو ما اعتمده بعض المؤرخين (1) في تصويره للموقف في الكوفة عشية التحرك.
وقد يحتوي هذا المؤشر بعض المبالغة، وقد يكون ناتجا عن تقدير خاطئ. فإذا كان يعبر عن منطق الحزب الزبيري واستراتيجيته، فإنه ليس كذلك بالنسبة لممثل الحزب في الكوفة، الذي كانت له نظرته المختلفة في هذا الامر. ومن الانصاف أن لا نغفل دور هذا الرجل الذي شغله بكل مسؤولية، وهو دور الناصح بالتخلي عن هذه الحركة الانتحارية والتسلح بالصبر والتروي.. لان هدفه كان منصبا حول اجتذابهم إلى الحزب الزبيري وتشكيل جبهة قوية ضد الأمويين (2) بدل أن تتبعثر القوى،