ولقد تحولت الكوفة حينئذ إلى مركز حيوي للنشاط السياسي بمختلف مظاهره وأبعاده. وما لبثت الاحداث أن أخذت تتلاحق بسرعة مذهلة لتترك بصماتها على المجتمع الكوفي بصورة عامة. ففي خلال السنة التي امتدت من وفاة يزيد إلى اعلان التوابين ثورتهم في النخيلة، تمخضت الكوفة عن أمور في غاية الخطورة، لا بد من التوقف عندها لنشير باختصار إلى أكثرها فاعلية وأشدها تأثيرا في تاريخ تلك الفترة.
والواقع ان الكوفة سارعت إلى تحديد موقفها من النظام الأموي والخروج عليه كما سبق أن ذكرنا. فقد أعلنت الثورة في المدينة وهاجم الكوفيون دار الامارة وطردوا ممثل ابن زياد (1) الذي كان يقيم في البصرة وتعرض بدوره لحركة مماثلة. وقد أعقب ذلك فترة قصيرة من الفراغ في السلطة إلى أن جرى تسليم الحكم إلى رجل اتفق عليه أشراف الكوفة وزعماؤها، وهو عامر بن مسعود (3) الذي ما لبث ان دان بالولاء لعبد الله بن الزبير حيث تمكن في تلك الأثناء من توطيد مركزه في العراق. ولم يكن هذا الاجراء عائدا إلى اقتناع الكوفيين بسلامة هذا الموقف، وانما كان ضرورة اقتضتها المصلحة ليس أكثر.
فالاشراف من جهة