التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ١١٣
واستباق الموعد الذي حددوه للتحرك. غير أن حكمة سليمان وبعد نظره حالا دون تنفيذ هذه الرغبة، لان الدعوة لم تكن قد رسخت جذورها بعد، لا سيما في الكوفة التي افتقرت إلى التجانس ووحدة الموقف. ويبدو ان أكثر ما كان يخشاه سليمان ويحتسب له، هي تلك الفئة الانتهازية من الكوفيين، الممالئة دائما للنظام الحاكم، التي عرفت بالاشراف (1) حتى أننا نجد ان سليمان كان يصورها بأنها العدو الشرس للثورة والخصم الذي يجب التعامل معه بمنتهى الحيطة والحذر. رويدا لا تعجلوا، اني قد نظرت فيما تذكرون فرأيت أن قتلة الحسين هم أشراف أهل الكوفة وهم المطالبون بدمه، ومتى علموا ما تريدون وعلموا انهم المطلوبون كانوا أشد عليكم (2).
وكان الابقاء على موعد التحرك بدون شك في صالح الحركة التوابية، إذ أن الاستجابة البشرية تضاعفت بعد موت يزيد (3) وما أحدثه من ارباك في نظام الحكم، وساعد على ذلك انتقال الحركة من مرحلة السرية والعمل تحت جنح الظلام إلى دور النشاط العلني والمجاهرة الصريحة.

(1) ابن كثير 4 / 68.
(2) الطبري: 7 / 52.
(3) ابن كثير: 7 / 53.
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»