هم الذين يبدو أنهم شغلوا دورا بارزا (1) في حركة التمرد هذه، بعد أن أدركوا ان رياح الثورة الحجازية بدأت تهب بشكل عاصف على العراق، فسارعوا إلى التودد لابن الزبير ابتغاء لضمان مصالحهم السياسية والاقتصادية، واستمرارا لها. وأظهر زعماء الحزب الشيعي من جهة ثانية استنكافهم عن تسلم الحكم برغم توفر فرص النجاح حينئذ، لان عناصر الثورة أرادت المسير وفقا للخطة التي تم وضعها وتدور حول هدف محدد وثابت هو الانتقام، وكان في ذلك تأكيدا على التجرد والمثالية والالتزام بالمبدأ.. هذه الأفكار تشربها التوابون بكل عمق الايمان، وانعكست على حركتهم، فطبعتها بطابع مميز وفريد.
وبسرعة غير متوقعة انتقل العراق إلى سيادة الحزب الزبيري وغدت الكوفة مرتبطة بثورة الحجاز التي انتفضت على النظام الأموي وهزت دعائمه بعنف، وتقبل شيعة الكوفة هذه السيادة الجديدة، ولكن بفتور وبشيء من التحفظ. فهي بنظرهم انقلاب على النظام الذي مجوه وعارضوه طويلا.. غير أن العداوة المشتركة التي وحدت مشاعر الطرفين ضد الأمويين، لم تمنع الحركة التوابية من رفض الاعتراف بالحزب الزبيري كبديل مثالي للسيادة الأموية.