التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ١٠٧
وليس من باب الصدفة فقط ان يتولى قيادة هذه الحركة خمسة من الشيوخ أصغرهم قد نيف على الستين (1). ولعل الباحث هنا يجد مدخلا للتعرف إلى جمهور الحركة ولتحديد الجيل الذي استمدت منه عناصرها بشكل عام. والأرجح ان التوابين - لا سيما الذين تابعوا الشوط حتى آخره - قطعوا خريف العمر أو كادوا. وهؤلاء تتجسد لديهم فكرة التوبة عادة أكثر من العناصر الشابة. ثم إن حركة من هذا النوع، اقتصر مضمونها على التضحية والغفران الا تجتذب جمهور الشبان الملتزمين بخط سياسي واضح والمؤمنين بالتغيير.
وهذا ما يفسر انصراف عدد من الزعماء الشبان في الكوفة عن هذه الحركة، كإبراهيم الأشتر مثلا الذي وجد فيها مضمونا ساذجا وتحركا في غير أوانه.
ولا شك ان هذا التجانس النوعي في صفوف التوابين كان له بعدا خاصا كرس أكثر فأكثر مفهوم التضحية والفداء. فهؤلاء لم يجزعوا كثيرا على ما تبقى من العمر بعد أن بلغوا الأرذل منه وقطعوا حبل سنواته العجاف.

(1) الطبري 7 / 48.
(١٠٧)
مفاتيح البحث: مدينة الكوفة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 109 110 111 112 113 ... » »»