التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ٩٦
التي ألحت عليه بالخروج إلى ارض الثورة التي تتعطش إلى قائدها المنتظر، ثم تقاعست في أحرج الظروف عن الالتزام بما وعدت به والوفاء بالعهد الذي قطعته على نفسها. وإذا كانت الاحداث التي تلاحقت بصورة مفاجئة بعيد تحرك الحسين من الحجاز، قد حالت دون القيام بواجبها وتنفيذ مخططها المرسوم، فان ذلك لم يكن ليخفف عنها عمق المأساة لأنها افتقدت بمصرع الحسين الشخصية الأكثر جدارة التي وضعت فيها الشيعة كل آمالها وطموحها للوصول إلى الحكم.
والواقع انه ليس من الصعوبة أن يتصور المرء وضع الكوفة في تلك الفترة القلقة من تاريخها، فقد كانت تتفاعل بالغضب ويحدق بها شعور بضخامة الاثم الذي غرقت فيه. وكان لا بد من مخرج لهذه المحنة وتصحيح للموقف المتخاذل بآخر يجلو عنها بعض العار، ويخفف عن كاهلها شيئا من فداحة الذنب. فالمدينة كانت معبأة بالحقد وتتفجر بالثورة ضد النظام الأموي، المسؤول عن مقتل الحسين. وعلى ذلك لم يكن صعبا على أي زعيم أو مغامر ان يكتل المدينة بمعظمها ويقودها إلى الثورة ورفع راية العصيان على الأمويين. ولكن الكوفة حينئذ برغم موجة السخط والتذمر التي شملت مختلف فئاتها، كانت تفتقر إلى الموقف
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»