4 - الالحاح في طلب التوبة عن طريق التضحية بالنفس.
ومن خلال هذه المناقشات التي شهدها مؤتمر الزعماء الخمسة، تلاحظ انها دارت حول فكرة رئيسية هي التكفير عن الذنب، وهذه الفكرة لها جذورها البعيدة في المجتمعات العراقية الغابرة، وأصولها القديمة في ديانات ما بين النهرين، فضلا عن الديانة المسيحية التي تسربت إلى هذه المنطقة قبل مجيء العرب إليها. ولا ندري إذا كان التوابون قد تأثروا في هذا المجال بهذه الجذور التاريخية، أم ان ذلك شئ أصيل وذاتي فيهم، زاده بلورة تلك التجربة المريرة التي عاشوها في أعقاب مصرع الحسين.
انتهى المؤتمر ملتزما بهذه المقررات الحاسمة، وملتزما بزعامة سليمان بن صرد أكبر الزعماء الخمسة سنا وأسبقهم في الاسلام وأوثقهم علاقة بعلي وأسرته، وكذلك أرفعهم شأنا في مكانته القبلية. وليس ثمة شك ان هذا الاختيار كان موفقا وفي صالح الحركة، لان سليمان كان طرازا فريدا بين رجالات الكوفة، شديد الايمان بالقضية التي رفع شعارها، مقتنعا بضرورة الاخذ بمبدأ العنف لتصعيد حركة النضال الشيعي ضد أعدائها الأمويين. اتخذوا السيوف وركبوا الأسنة واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل حين تدعوا وتستنفروا (1).