فهل بلغكم أن الدنيا سخت لهم نفسا بفدية 1 أو أعانتهم بمعونة، أو أحسنت إليهم صحبة..؟ بل أرهقتهم بالقوادح 2 وأوهقتهم بالقوارع 3 وضعضعتهم بالنوائب 4، وعفرتهم للمناخر 5، ووطئتهم بالمناسم 6، وأعانت عليهم ريب المنون.
فقد رأيتم تنكرها لمن دان لها 7 وآثرها وأخلد إليها 8 حين ظعنوا عنها لفراق الأبد... أفهذه تؤثرون؟ أم إليها تطمئنون؟ أم عليها تحرصون؟
فبئست الدار لمن لميتهمها، ولم يكن على وجل منها.
فاعلموا - وأنتم تعلمون - بأنكم تاركوها وظاعنون عنها، واتعظوا فيها بالذين قالوا (من أشد منا قوة..) 9 حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا 10. وأنزلوا الأجداث فلا يدعون ضيفانا 11، وجعل لهم من الصفيح 12 أجنان 13 ومن التراب أكفان...
استبدلوا بظهر الأرض بطنا، وبالسعة ضيقا، وبالأهل غربة، وبالنور ظلمة... 14.
* ركز الإمام عليه السلام في هذه الخطبة الوعظية - كما هو شأنه في معظم مواعظه - على عاملين ثابتين في طبيعة الحياة على هذه الأرض: