التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام - الشيخ محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ٣٤
والحاصل في ربقتي دون الخارج من يدي 1.
* وعلى أية حال فإن سؤالا هاما يواجهنا هنا، وهو:
من أين استقى الإمام معرفته التاريخية؟
إنه يقول عن نفسه:... نظرت في أعمالهم، وفكرت في أخبارهم وسرت في آثارهم....
فما الوسيلة التي توصل بها إلى معرفة أعمالهم لينظر فيها هو كيف تسنى له أن اطلع على أخبارهم ليفكر فيها؟
نقدر أن الإمام عليه السلام قد اعتمد في معرفته التاريخية على عدة مصادر:
1 - القرآن الكريم:
يأتي القرآن الكريم في مقدمة هذه المصادر التي استقى منها الإمام معرفته التاريخية. وقد اشتمل القرآن على نصوص تاريخية كثيرة منبثة في تضاعيف السور تضمنت أخبار الأمم القديمة وارتفاع شأنها، وانحطاطها، واندثار كثير منها، وذلك من خلال عرض القرآن الكريم لحركة النبوات في تاريخ البشرية، وحكايته لكيفية استجابات الناس في كل أمة وجيل لرسالات الله تعالى التي بشر بها الأنبياء سلام الله عليه أجمعين..
وقد كان أمير المؤمنين علي عليه السلام أفضل الناس - بعد رسول الله (ص) - معرفة بالقرآن من حيث الظاهر والباطن، والمحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ، والأهداف والمقاصد، والأبعاد الحاضرة والمستقبلة، وغير ذلك من شؤون القرآن. كانت معرفته بالقرآن شاملة مستوعبة لكل ما يتعلق بالقرآن من قريب أو بعيد. والتأثير القرآني شديد الوضوح في تفكير الإمام التاريخي من حيث المنهج ومن حيث المضمون، كما هو شديد الوضوح في كل جوانب تفكيره الأخرى.
وقد حدث الإمام عن نفسه في هذا الشأن كاشفا عن أنه كان يلح في مسائله

1: من مقدمة الشريف الرضي لنهج البلاغة.
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 30 31 32 33 34 35 36 37 38 41 ... » »»