أن تمسي له متنكرة، وإن جانب منها اعذوذب واحلولى أمر منها جانب فأوبى 1 لا ينال امرؤ من غضاريها رغبا 2 إلا أرهقته من نوائبها تعبا، ولا يمسي منها في جناح أمن إلا أصبح على قوادم خوف 3. غرارة ما فيها، فانية، فان من عليها، لا خير في شئ من أزوادها إلا التقوى.
من أقل منها استكثر مما يؤمنه، ومن استكثر منها استكثر مما يوبقه 4، وزال عما قليل عنه.
كم من واثق بها قد فجعته، وذي طمأنينة إليها قد صرعته، وذي أبهة قد جعلته حقيرا 5، وذي نخوة قد ردته ذليلا 6.
سلطانها دول 7 وعيشها ريق 8، وعذبها أجاج 9، وحلوها صبر 10، وغذاؤها سمام 11 وأسبابها رمام 12.
حيها بعرض موت، وصحيحها بعرض سقم، وموفورها منكوب 13 وجارها محروب 14.
ألستم في مساكن من كان قبلكم أطول أعمارا وأبقى آثارا، وأبعد آمالا، وأعد عديدا. وأكثف جندا؟ تعبدوا للدنيا أي تعبد، وآثروها أي إيثار، ثم ظعنوا عنها بغير زاد مبلغ، ولا ظهر قاطع 15.