التاريخ في مجال الوعظ حللنا في فصل (الوعظ) من كتابنا دراسات في نهج البلاغة 1، مواعظ أمير المؤمنين علي (ع) في نهج البلاغة على ضوء الظروف السياسية والاجتماعية والنفسية التي كانت تسيطر وتوجه مجتمع العراق بوجه خاص في أيام خلافة الإمام عليه السلام.
وكشفنا النقاب هناك عن أن الإمام لم يكن في مواعظه داعيا إلى مذهب زهدي يقف موقفا سلبيا من الحياة الدنيا والعمل لها والاستمتاع بها، وإنما كان، في مواعظه وتوجيهه الفكري بوجه عام، يدعو إلى مواجهة الحياة بواقعية وصدق، محذرا من اللهاث المجنون وراء الآمال الخادعة والأحلام الكاذبة التي ليس لها في واقع الحياة سند ولا أساس.
وكشفنا النقاب أيضا عن أن النظرة الشائعة إلى مواعظ الإمام في نهج البلاغة قد تأثرت بالتيار الزهدي السلبي الذي طبع المجتمع الإسلامي بطابعه في عصور الانحطاط، وهو دخيل على الفكر الإسلامي وعلى أخلاقيات الإسلام وتشريعه، ولذا فإن هذه النظرة خاطئة لا تمثل مقاصد الإمام وأهدافه من المواعظ التي كان يوجهها إلى مجتمعه.