1 - عامل التغير والتقلب في الحياة:
الحياة بما هي حركة، وبما هي تفاعل، وبما هي طاقات وقوى تتفاعل فتتكامل أو تتقاتل في داخل كل شئ ومن حول كل شئ في الكون المادي كله - الحياة بما هي كل هذا متقلبة متغيرة متحولة باستمرار - هي في حالة صيرورة دائمة لا تستقر على حال ولا تثبت على وتيرة واحدة.
2 - عامل الزمن:
أثر الزمن في الأشياء والأعمار ظاهر لكل ذي بصيرة، فالزمن يفتت الحياة باستمرار، فما أن يبدأ وجود الحياة في شئ، بل ما أن يبدأ وجود شئ، حيا كان أو غير حي حتى يبدأ هذا الوجود بالذوبان والتفتت والضياع. إن الحياة تولد في الزمن. ولكن الزمن يغتالها باستمرار.
وهذان العاملان - التغير والزمن - لا يختصان بعالم الإنسان وحده، إنهما يعملان في كل شئ ويحولان دون ثبات كل شئ: الجماد، والنبات، والحيوان، والإنسان.
ويتميز الإنسان - بالنسبة إليهما - عن العوالم الأخرى بأنه - لما أوتي من عقل وإدراك - يستطيع أن يعي الوجه المأساوي لعمل هذين العاملين، وأثرهما في حياته وفي الوجود من حوله.
ووعي الإنسان لهذين العاملين وأثرهما في الحياة والأشياء يجعله قادرا على مواجهة الحياة ومباهجها الموقتة، ووعودها السخية، وآمالها اللامعة. بعقل صاف خال من الأوهام، ويعزز فيه النزعة الواقعية في أخذ الحياة والتعامل مع الدنيا - هذه النزعة التي من شأنها أن تجعل الآمال أقل بريقا وجذبا واستهواء، والانتصارات أقل مدعاة للغرور والصلف، والمآسي أقل إيلاما. ويعزز مناعة الإنسان أمام تكالب صروف الدهر، وخيبات الأمل وضياع الجهود، ونوازل المرض والموت... فلا ينهار بسبب ذلك ولا ييأس ولا يستسلم، ولا يستكين ولا يهرب من العمل، وإنما ينبعث للعمل والكفاح في سبيل نفسه وأهله ومجتمعه وعالمه من جديد لأنه لم يفاجأ بالخيبة والإخفاق، بل كان مهئ النفس لتقبلهما ومن ثم فقد كان مهئ النفس لتجاوزهما، واستئناف