ولم يستطع القانون الجديد أن يحرم الخمر، لأنه يؤمن بأن الأكل والشرب حق من الحقوق الطبيعية للانسان، وهو حر في اقتناء كل ما يريد أن يأكله ويشربه، وليس للقانون أن يتدخل في حقوق الطبيعية، ومن ثم لم يكن شرب الخمر والسكر الذي يتبعه جريمة في الواقع، الا إذا اعتدى شارب الخمر على أحد المواطنين في هذه الحالة من السكر، أو خرج إلى الشارع وهو سكران، فالجريمة ليست هي حالة السكر، بل الاعتداء على الآخرين في تلك الحالة!.
والخمر تضر بالصحة، وتبدد أموال الناس، وتؤدي بمدمنيها إلى كوارث اقتصادية محققة، وتضعف الشعور الأخلاقي، حتى أن الانسان يتحول إلى حيوان رويدا رويدا. والخمر خير مساعد للمجرمين، فهي تشل الإحساسات اللطيفة، حتى يستطيع الانسان اقتراف أية جريمة من السرقة والقتل، وهدر العصمة. ولكن القانون الانساني رغم هذه المعايب الشنيعة؟
لن يتمكن من تحريم الخمر، لأنه لا يجد جوابا يسوغ تدخله في حق من حقوق الانسان الطبيعية!!.
ولن نجد حلا لهذه المشكلة الا في قانون الله، ان قانونه يبين رضا حاكم الكون، فان كون أي قانون قانون الله يحمل معه أولوية تنفيذه، ولا يحتاج بعد ذلك دليلا آخر.
وهكذا يسد القانون الإلهي فجوة عميقة، نتمكن بعدها من إحالة أي عمل إلى دائرة القانون.
* * * رابعا؟ القانون الاخلاق لا يستطيع القانون أن يستقل بذاته في أي وقت من الأوقات، بل لابد له أن يقترن بالأخلاق. ولتوضيح هذه النقطة نقول:
؟ 1 لو طرحت قضية أمام القانون؟ على سبيل المثال؟ وتعمد الفريقان وشهودهما الكذب فلم يتبين الصدق أمام القاضي، فسوف يقضي على العدل، ولن يتمكن القاضي من الحصول عليه مهما حاول. ولذلك كان لا بد من قانون آخر وراء القانون، يحرك الناس، ويحملهم على الادلاء بالبيانات الصادقة للوصول إلى العدل. وقد اعترفت جميع محاكم العالم بهذا المبدأ، حتى أنها تلزم كل شاهد (أن يقسم بالله أن يقول الحق) قبل الادلاء بشهاداته. وهو دليل واضح يؤكد أهمية العقائد الدينية لصون حرمة القانون. بيد أن المجتمع الجديد قد قضى على أهمية المعتقدات الدينية، حتى أصبحت أيمان المحاكم أضحوكة، وتقليدا لا يأتي بنفع، أي نفع!.
؟ 2 ومما لابد منه أن يكون أي عمل يعاقب عليه القانون (جريمة) في نظر المجتمع أيضا، وأي بند من قانون مكتوب لا يمكنه أن يخلق نفسية في المجتمع، ترى في عمل ما جريمة،