الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ١٥٩
لقد آن الأوان أن نعترف بالحقيقة القائلة: بأن البشر لا يستطيعون وضع دستور لهم بدون هدى الله. وبدلا من المضي في الجهود التي لا تأتي بنتائج مثمرة، علينا أن نعترف بالواقع الذي يدعونا اليه الدكتور فرويدمان، حين يقول:
يتضح بعد دراسة هذه الجهود المختلفة أنه لا بد من هداية الدين لتقييم المعيار الحقيقي للعدل. والأساس الذي يحمله الدين لاعطاء العدل صورة عملية ينفرد هو به في حقيته وبساطته (1).
اننا نجد في الدين جميع الأسس اللازمة التي يبحث عنها المشرعون لصياغة دستور مثالي، ولكي يتضح صدق ما نقوله، نأتي بالدراسة الوجيزة التالية في أهم مشكلات التشريع الانساني:
أولا؟ مصدر التشريع وأول الأسئلة وأهمها بالنسبة لأي تشريع هو البحث عن مصدر هذا التشريع: من الذي يضعه! ومن ذا يعتمده حتى يصبح نافذ المفعول؟.
لم يصل خبراء التشريع إلى إجابة عن هذا السؤال حتى الآن. ولو أننا خولنا هذا الامتياز للحاكم، لمجرد كونه حاكما، فليس هناك أساس نظري وعلمي يجيز تمتعه؟ هو أو شركاؤه في الحكم؟ بذلك الامتياز، ثم إن هذا التحويل من ناحية أخرى لا يجدي نفعا، فان اطلاق أيدي الحكام ليصدروا أي شئ لتنفيذه بوسيلة القوة؟ أمر لا تطيقه ولا تحتمله الجماهير.
ولو أننا خولنا سلطة التشريع لرجال المجتمع، فهم أكثر جهالة وحمقا، لأن المجتمع؟
أي مجتمع؟ إذا نظرنا اليه ككل، لا يتمتع بالعلم والعقل والتجربة، وهي أمور لابد منها عند التشريع. فهذا العمل يتطلب مهارة فائقة وعلما وخبرة، وهو ما لا تستطيع العامة من الجماهير الحصول عليه، كما أنها، وان أرادت، لن تجد الوقت الكافي لدراسة المشكلات القانونية وفهمها.
وللخروج من هذه المشكلة توصل رجال القانون إلى حل وسط، وهو أن يقوم (البالغون) من أفراد المجتمع بانتخاب ممثلين لهم، وهؤلاء بدورهم يصدرون التشريعات باسم الشعب.
ومن الممكن أن ندرك حماقة هذا الحل الوسط، حين نجد أن حزبا سياسيا لا يتمتع الا بأغلبية 51 % من مقاعد البرلمان يحكم على حزب الأقلية، الذي يمثل 49 % من أفراد المجتمع البالغين. والأمر لا يقف عند هذا الحد، لان هذا الحل يحتوي على فراغ كبير جدا تنفذ

(1) Legal Theory, p. 450.
(١٥٩)
مفاتيح البحث: التصديق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»