لقد ورد في الآية المذكورة آنفا لفظة الدحو، ومعناه تسوية الشيء ونثره، كما يقال دحا المطر الحصى عن وجه الأرض، وهذا هو نفس مفهوم الكلمة الإنجليزية: Drift التي استخدمت في التعبير عن النظرية الجغرافية الحديثة.
لسنا نملك أمام هذا التوافق المدهش بين ما ورد في الماضي البعيد، وما اكتشف بالأمس القريب؟ إلا أن نؤمن بأن هذا الكلام صادر عن موجود يحيط علمه بالماضي، والحال، والمستقبل، على السواء.
* * * ثالثا؟ علم الأغذية:
ان قائمة الأغذية التي يقررها لنا القرآن الكريم تحرم (الدم)، وكان الانسان غافلا عن أهمية هذا التحريم، ولكن التحليلات التي أجريت للدم قد أكدت أن هذا القانون كان مبنيا على أهمية خاصة بالنسبة إلى الصحة. فالتحليل يثبت أن (الدم) يحتوي كمية كبيرة من حمض البوليك Uric Acid، وهو مادة سامة تضر بالصحة لو استعملت غذاء. وهذا هو السر في الطريقة الخاصة التي أمر بها القرآن في ذبح الحيوانات. والمراد من الذبح في المصطلح الاسلامي هو الذبح بطريقة معينة حتى يخرج سائر الدم من جسم الحيوان، وهي أن نقطع الوريد الرئيسي. الذي يوجد في العنق، فقط. وأن نمتنع عن قطع الأوردة الأخرى، حتى يمكن استمرار علاقة المخ بالقلب إلى أن يموت الحيوان، لكيلا يكون سبب الموت الصدمة العنيفة التي وجهت إلى أحد أعضاء الحيوان الرئيسية، كالدماغ، أو القلب، أو الكبد، والمقصود من هذا هو أن الدماء تتجمد في العروق، وتسري إلى أجزاء الجسم، لو مات الحيوان في الحال؟ على اثر صدمة عنيفة؟ وهكذا يتسمم اللحم كله، نتيجة سريان حمض البوليك في أنحائه.
ولقد حرم القرآن لحم (الخنزير)، ولم يعرف الانسان في الماضي شيئا عن أسرار هذا التحريم، ولكنه يعرف اليوم أن لحم الخنزير يسبب أمراضا كثيرة، لأنه يحتوي أكبر كمية من حمض البوليك بين سائر الحيوانات على ظهر الأرض، أما الحيوانات الأخرى، غير الخنزير، فهي تفرز هذه المادة بصفة مستمرة عن طريق البول. وجسم الانسان يفرز 90 % من هذه المادة بمساعدة (الكليتين). ولكن الخنزير لا يتمكن من اخراج حمض البوليك الا بنسبة اثنتين في المائة (2 %)، والكمية الباقية تصبح جزءا من لحمه ولذلك يشكو الخنزير من آلام المفاصل، والذين يأكلون لحمه، هم الآخرون، يشكون من آلام المفاصل، والروماتيزم (1)،