عاجز تماما عن الاتيان بذلك الدليل، فقد نرى اليوم عنصرا من الدستور صالحا للدوام، ثم يأتي رجال الغد يعلنون الاستغناء عن ذلك العنصر من دستورهم، ما دام الدستور يصاغ بناء على رغبات الشعب، فقد لا يعجبهم ذلك، أو يرونه قد فقد صلاحيته بمضي الزمن.
* * * أما الحل الوحيد لمشكلتنا فهو الشرع الإلهي الذي يمنحنا جميع العناصر الأساسية الضرورية، فهذا الشرع يضع جوانب أساسية جذرية، ثم يترك الباقي مفتوحا للاجتهادات المختلفة، بحسب الزمان والمكان.
انه يحدد العناصر الأساسية وغير الأساسية بالنسبة إلى دستور ما. ثم هو إلى جانب ذلك يتصف ويتمتع بدليل الترجيح والتفضيل لصالحه، حيث إنه من عند الله سبحانه وتعالى ومن ثم لابد لنا أن نعتبره حقا، وأن نعتده الكلام الأخير في الموضوع، الذي لا كلام بعده.
وتلك ميزة هامة في التشريع الإلهي، لا يستطيع الانسان أن يأتي ببديل عنها.
* * * ثالثا؟؟ تحديد مفهوم الجريمة ومما لابد أن يتوفر لأي دستور أن يكون لديه دليل معقول يستند اليه، لاعتبار عمل ما جريمة. ويقول الدستور الذي وضعه الانسان: ان الجريمة هي: كل عمل يضر بالأمن العام، أو نظام الحكم القائم، والتشريع الانساني لا يجد أساسا غير هذا لاعتبار عمل ما جريمة. وقد دفع هذا الأساس القانون الجديد إلى اقرار أن جريمة الزنا ليست بجريمة، الا إذا تمت جبرا أو اكراها لاحد الطرفين. فالقانون الجديد لا يعتبر الزنا جريمة، وانما الجريمة الحقيقية عنده هي الجبر والاكراه الذي سبق الزنا.
ان الاستيلاء على أموال أحد المواطنين حرام، وكذلك اهدار عصمتهم والنيل من عفتهم.
ولكن أموال انسان من الناس تصبح مباحة لرجل آخر، إذا تم ذلك برضاء (الطرف الأول)؟
صاحب المال! وكذلك يرى القانون أن عصمة أحد الطرفين تباح للثاني ما دام راضيا، فعند رضا الجانبين يصبح القانون حاميا لهما، ومدافعا عنهما، ولو حاول طرف ثالث التدخل في الأمر، فهو الذي سوف يعد مجرما، وليس الطرفان الأولان!.
ان جريمة الزنا تفشي فسادا كبيرا في المجتمع، فهي تخلق مشكلات أطفال الحرام (غير الشرعيين)، وتضعف روابط الزواج، وهي كذلك تصدر عن عقلية تفضل اللذات السطحية في الحياة، وتربي عقلا خائنا، وتخلق السرقة واللصوص، وتروج الاغتيالات والانتحار والخطف، ومن ثم تفسد المجتمع كله، ولكن القانون؟ رغم ذلك؟ لا يستطيع تحريمها، فهو لا يجد أساسا لتحريم الزنا الذي تم بالرضا المتبادل!!.
* * *