تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ٨٦
رسول الله صلى الله عليه وسلم عند آخر عهده بالدنيا وأول عهده بالآخرة في الحال التي يؤمن فيها الكافر ويوقن فيها الفاجر انى استعملت عليكم عمر بن الخطاب ولم آل لكم خيرا فان صبر وعدل فذلك علمي به ورأيي فيه وان جار وبدل فلا علم لي بالغيب والخير أردت ولكل امرئ ما اكتسب وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون فكان أول ما أنفذه من الأمور عزل خالد عن امارة الجيوش بالشام وتولية بنت أبي عبيدة وجاء الخبر بذلك والمسلمون مواقفون عدوهم في اليرموك فكتم أبو عبيدة الامر كله فلما انقضى أمر اليرموك كما مر سار المسلمون إلى فحل من ارض الأردن وبها رافضة الروم وخالد على مقدمة الناس فقاتلوا الروم * (فتح دمشق) * واقتحموها عنوة وذلك في ذي القعدة ولحقت رافضة الروم بدمشق وعليها ماهان من البطارقة فحاصرهم المسلمون حتى فتحوا دمشق وأظهر أبو عبيدة إمارته وعزل خالد وقال سببه ان أبا بكر كان يسخط خالد بن سعيد والوليد بن عقبة من أجل فرارهما كما مر فلما ولى عمر رضي الله عنه أباح لهما دخول المدينة ثم بعثهما مع الناس إلى الشام ولما فرغ أمر اليرموك وساروا إلى فحل وبلغ عمر خبر اليرموك فكتب فعزل خالد بن الوليد وعمرو بن العاصي حتى يصير الحرب إلى فلسطين فيتولاها عمرو وان خالدا قدم على عمر بعد العزل وذلك بعد فتح دمشق وانهم ساروا إلى فحل فاقتحموها ثم ساروا إلى دمشق وعليها نسطاس بن نسطورس فحاصروها سبعين ليلة وقيل ستة أشهر من نواحيها الأربع خالد وأبو عبيدة ويزيد وعمرو كل واحد على ناحية وقد جعلوا بينهم وبين هرقل مدينة حمص ومن دونها ذو الكلاع في جيش من المسلمين وبعث هرقل المدد إلى دمشق وكان فيهم ذو الكلاع فسقط في أيديهم وقدموا على دخول دمشق وطمع المسلمون فيهم واستغفلهم خالد في بعض الليالي فتسور سورهم من ناحيته وقتل الوليد وفتح الباب واقتحم البلد وكبر وقتلوا جميع من لقوه وفزع أهل النواحي إلى الأمراء الذين يلونهم فنادوا لهم الصلح والدخول فدخلوا من نواحيهم صلحا فأجريت ناحية خالد على الصلح مثلهم (قال سيف) وبعثوا إلى عمر بالفتح فوصل كتابه بأن يصرف جند العراق إلى العراق فخرجوا وعليهم هاشم بن عتبة وعلى مقدمته القعقاع وخرج الأمراء إلى فحل وأقام يزيد بن أبي سفيان بدمشق وكان الفتح في رجب سنة أربع عشرة وبعث يزيد دحية الكلبي إلى تدمر وأبا الا زاهر القشيري إلى حوران والبثنة فصالحوهما ووليا عليهما ووصل الأمراء إلى فحل فبيتهم الروم فظفر المسلمون بهم وهزموهم فقتل منهم ثمانون ألفا وكان على الناس في وقعة فحل شرحبيل بن حسنة
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»