تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ٤٧
عن أن يثنوا رواحلهم فاستقاموا وتناولوا سيوفهم وتراسهم واقتحموا عن الرواحل راجعين إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد اجتمع منهم حواليه نحو المائة فاستقبلوا هوازن والناس متلاحقون واشتدت الحرب وحمى الوطيس وقذف الله في قلوب هوازن الرعب حين وصلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يملكوا أنفسهم فولوا منهزمين ولحق آخر الناس وأسري هوازن مغلولة بين يديه وغنم المسلمون عيالهم وأموالهم واستحر القتل في بنى مالك من ثقيف فقتل منهم يومئذ سبعون رجلا في جملتهم ذو الخمار وأخوه عثمان ابنا عبد الله بن ربيعة بن الحرث بن حبيب سيداهم واما قارب بن الأسود سيد الاحلاف من ثقيف ففر بقومه منذ أول الامر وترك رايته فلم يقتل منهم أحد ولحق بعضهم بنخلة وهرب مالك بن عوف النصري مع جماعة من قومه فدخلوا الطائف مع ثقيف وانحازت طوائف هوازن إلى أوطاس واتبعتهم طائفة من خيل المسلمين الذين توجهوا من نخلة فأدركوا فيهم دريد بن الصمة فقتلوه يقال قتله ربيعة بن رفيع بن أهبان بن ثعلبة بن يربوع بن سماك بن عوف بن امرئ القيس وبعث صلى الله عليه وسلم إلى من اجتمع بأوطاس من هوازن أبا عامر الأشعري عم بنت أبي موسى فقاتلهم وقتل بسهم رماه به سلمة بن دريد بن الصمة فاخذ أبو موسى الراية وشد على قاتل عمه فقتله وانهزم المشركون واستحر القتل في بنى رباب من بنى نصر بن معاوية وانفضت جموع أهل هوازن كلها واستشهد من المسلمين يوم الخميس أربعة منهم أيمن بن أم أيمن أخو أسامة لامه ويزيد بن زمعة بن الأسود وسراقة بن الحرث من بنى العجلان وأبو عامر الأشعري * (حصار الطائف) * ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسبايا والأموال فحبست بالجعرانة بنظر مسعود بن عمرو الغفاري وسار من فوره إلى الطائف فحاصر بها ثقيف خمس عشرة ليلة وقاتلوا من وراء الحصون وأسلم من كان حولهم من الناس وجاءت وفودهم إليه وقد كان مر في طريقه بحصن مالك بن عوف النصري فأمر بهدمه ونزل على اطم لبعض ثقيف فتمنع فيه صاحبه فأمر بهدمه فأخرب وتحصنت ثقيف وقد كان عروة بن مسعود وغيلان بن سلمة من ساداتهم ذهبا إلى جرش يتعلمان صنعة المجانيق والدبابات للحصار لما أحسوا من قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم فلم يشهدا الحصار ولا حنينا قبله وحاصرهم المسلمون بضع عشرة أو بضعا وعشرين ليلة واستشهد بعضهم بالنبل ورماهم صلى الله عليه وسلم بالمنجنيق ودخل نفر من المسلمين تحت دبابة ودنوا إلى سور الطائف فصبوا عليهم سكك الحديد المحماة ورموهم بالنبل فأصابوا منهم
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»