تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ٤٨
قوما وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع أعنابهم ورغب إليه ابن الأسود بن مسعود في ماله وكان بعيدا من الطائف وكف عنه ثم دخل إلى الطائف وتركهم ونزل أبو بكرة فأسلم واستشهد من المسلمين في حصاره سعيد بن سعيد بن العاصي وعبد الله ابن أبي أمية بن المغيرة أخو أم سلمة وعبد الله بن عامر بن ربيعة العنزي حليف بنى عدى في آخرين قريبا من اثنى عشر فيهم أربعة من الأنصار ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة وأتاه هناك وفد هوازن مسلمين راغبين فخيرهم بين العيال والأبناء والأموال فاختاروا العيال والأبناء وكلموا المسلمين في ذلك بامر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم ما كان لي ولبنى عبد المطلب فهو لكم وقال المهاجرون والأنصار ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم وامتنع الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن ان يردا عليهم ما وقع لهما من الفئ وساعدهم قومهم وامتنع العباس بن مرداس كذلك وخالف بنو سليم وقالوا ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم فعوض رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم تطب نفسه عن نصيبه ورد عليهم نساءهم وأبناءهم بأجمعهم وكان عدد سبى هوازن ستة آلاف بين ذكر وأنثى فيهن الشيما أخت النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة وهي بنت الحرث بن عبد العزى من بنى سعد بن بكر من هوازن وأكرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحسن إليها وخيرها فاختارت قومها فردها إليهم وقسم الأموال بين المسلمين ثم أعطى من نصيبه من خمس الخمس قوما يستألفهم على الاسلام من قريش وغيرهم فمنهم من أعطاه مائة مائة ومنهم خمسين خمسين ومنهم ما بين ذلك ويسمون المؤلفة وهم مذكورون في كتب السير يقاربون الأربعين (منهم) أبو سفيان وابنه معاوية وحكيم بن حزام وصفوان بن أمية ومالك بن عوف وغيرهم (ومنهم) عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر والأقرع بن حابس وهما من أصحاب المائة وأعطى عباس بن مرداس دونهما فأنشده أبياته المعروفة يتسخط فيها فقال اقطعوا عنى لسانه فأتموا إليه المائة ولما أعطى المؤلفة قلوبهم وجد الأنصار في أنفسهم إذ لم يعطهم مثل ذلك وتكلم شبانهم مع ما كانوا يظنون انه إذا فتح الله عليه بلده يرجع إلى قومه ويتركهم فجمعهم ووعظهم وذكرهم وقال انما أعطى قوما حديثي عهد بالاسلام أتألفهم عليه أما ترضون أن ينصرف الناس بالشاء والبعير وتنصرفوا برسول الله إلى رحالكم لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ولو سلك الأنصار شعبا وسلك الناس شعبا لسلكت شعب الأنصار فرضوا وافترقوا ثم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة إلى مكة ثم رجع إلى المدينة فدخلها لست بقين من ذي القعدة من السنة الثامنة لشهرين ونصف من خروجه واستعمل على
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»