وودعهم ونهضوا عتى انتهوا إلى معان من أرض الشأم فأتاهم الخبر بأن هرقل ملك الروم قد نزل مؤاب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم ومائة ألف من نصارى العرب البادين هنا لك من لخم وجذام وقبائل قضاعة من بهرا وبلى والقيس وعليهم مالك بن زاحلة من بنى اراشة فأقام المسلمون في معان ليلتين يتشاورون في الكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتظار أمره ومدده ثم قال لهم عبد الله بن رواحة أنتم انما خرجتم تطلبون الشهادة وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة الا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به فانطلقوا إلى جموع هرقل عند قرية مؤتة ورتبوا الميمنة والميسرة واقتتلوا فقتل زيد بن حارثة ملاقيا بصدره الرماح والراية في يده فأخذها جعفر بن أبي طالب وعقر فرسه ثم قاتل حتى قطعت يمينه فأخذها بيساره فقطعت كذلك وكان ابن ثلاث وثلاثين سنة فأخذها عبد الله بن رواحة وتردد عن النزول بعض الشئ ثم صمم إلى العدو فقاتل حتى قتل فأخذ الراية ثابت بن أفرم من بنى العجلان وناولها لخالد بن الوليد فانحاز بالمسلمين وانذر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل هؤلاء الأمراء قبل ورود الخبر وفى يوم قتلهم واستشهد مع الأمراء جماعة من المسلمين يزيدون على العشرة أكرمهم الله بالشهادة ورجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأحزنه موت جعفر ولقيهم خارج المدينة وحمل عبد الله بن جعفر بين يديه على دابته وهو صبى وبكى عليه واستغفر له وقال أبدله الله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة فسمى ذا الجناحين * (فتح مكة) * كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عقد الصلح بينه وبين قريش في الحديبية أدخل خزاعة في عقده المؤمن منهم والكافر وأدخلت قريش بنى بكر بن عبد مناة بن كنانة في عقدها وكانت بينهم تراث في الجاهلية وذحول كان فيها الأول للأسود بن رزن من بنى الدئل بن بكر بن عبد مناة وثأرهم عند خزاعة لما قتلت حليفهم مالك بن عباد الحضرمي وكانوا قد عدوا على رجل من خزاعة فقتلوه في مالك بن عباد حليفهم وعدت خزاعة على سلمى وكلثوم وذؤيب بنى الأسود بن رزن فقتلوهم وهم اشراف بنى كنانة وجاء الاسلام فاشتغل الناس به ونسوا إمر هذه الدماء فلما انعقد هذا الصلح من الحديبية وأمن الناس بعضهم بعضا فاغتنم بنو الدئل هذه الفرصة في ادراك الثار من خزاعة بقتلهم بنى الأسود بن رزن وخرج نوفل بن معاوية الدؤلي فيمن أطاعه من بنى بكر بن عبد مناة وليس كلهم تابعه وخرج معه بعضهم وخرجوا منهم وانحجزوا في دور مكة ودخلوا دار بديل بن ورقاء الخزاعي ورجع بنو بكر وقد انتقض العهد فركب بديل بن ورقاء وعمرو بن سالم في وفد من قومهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
(٤١)