تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٧٩
فقال حمزة بن سنان الأسدي الرأي ما رأيتم لكن لا بد لكم من أمير وراية فعرضوها على زيد بن حصين الطائي ثم حرقوص ثم زهير ثم حمزة بن سنان ثم شريح بن أوفى العنسي فأبوا ثم عرضوها على عبد الله بن وهب فأجاب فبايعوه لعشر خلون من شوال وكان يقال له ذو الثفنات ثم اجتمعوا في منزل شريح وتشاوروا وكتب ابن وهب إلى أهل البصرة منهم يستحشدهم على اللحاق بهم ولما اعتزموا على السير تعبدوا ليلة الجمعة ويومها وساروا فخرج معهم طرفة بن عدى بن حاتم الطائي واتبعه أبوه إلى المدائن فلم يقدر عليه فرجع ولقيه عبد الله بن وهب في عشرين فارسا وأراد قتله فمنعه من كان معه من طيئ وأرسل على إلى عامل المدائن سعد بن مسعود بخبرهم فاستخلف ابن أخيه المختار بن عبيد وسار في طلبهم في خمسمائة فارس فتركوا طريقهم وساروا على بغداد ولحقهم سعد بالكرخ مساء وجاءه عبد الله في ثلاثين فارسا وقاتلهم وامتنعوا وأشار أصحابه بتركهم إلى أن يأتي فيهم أمر على فأبى ولما جن عليهم الليل عبر عبد الله إليهم دجلة وسار إلى أصحابه بالنهروان واجتمعت خوارج البصرة في خمسمائة رجل عليهم مسعر بن فدكي التميمي واتبعهم أبو الأسود الدؤلي بأمر ابن عباس ولحقهم فاقتتلوا حتى حجز بينهم الليل فأدلج مسعر بأصحابه فلحق بعبد الله بن وهب بالنهروان ولما خرجت الخوارج بايع على أصحابه على قتالهم ثم أنكر شان الحكمين وخطب الناس وقال بعد الحمد لله والموعظة ألا إن هذين الحكمين نبذا حكم القرآن واتبع كل واحد هواه واختلفا في الحكم وكلاهما لم يرشد فاستعدوا للسير إلى الشام وكتب إلى الخوارج بالنهروان بذلك واستحثهم للمسير إلى العدو وقال نحن على الامر الأول الذي كنا عليه فكتبوا إليه انك غضبت لنفسك ولم تغضب لربك فان شهدت على نفسك بالكفر وتبت نظرنا بيننا وبينك والا فقد نابذناك على السواء فيئس على منهم ورآى أن يمضى إلى الشام ويدعهم وقام في الناس يحرضهم لذلك وكتب إلى ابن عباس من معسكره بالنخيلة يأمره بالشخوص بالعساكر والمقام إلى أن يأتي أمره فأشخص ابن عباس الأحنف بن قيس في ألف وخمسمائة ثم خطب ثانية وندب الناس وقال كيف ينفر هذا العدد القليل وأنتم ستون ألف مقاتل ثم تهددهم وأمرهم بالنفير مع جارية بن قدامة السعدي فخرج معه ألف وستمائة ووافوا عليا في ثلاثة آلاف أو يزيدون ثم خطب أهل الكوفة ولاطفهم بالقول وحرضهم وأخبرهم بما فعل أهل البصرة مع كثرتهم وقال ليكتب إلى كل رئيس منكم ما في عشيرته من المقاتلة من أبنائهم ومواليهم فأجابه سعيد بن قيس الهمداني ومعقل بن قيس وعدي بن حاتم وزياد بن خصفة وحجر بن عدى واشراف الناس بالسمع والطاعة وأمروا ذويهم ألا يختلف منهم أحد فكانوا أربعين ألف مقاتل وسبعة عشر
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»