تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٧٨
فنبهه لما قال فقال ابن عمر لا أرشو عليها أبدا ثم قال أبو موسى يا ابن العاص ان العرب أسندت أمرها إليك بعد المقارعة بالسيوف فلا تردنهم في فتنة قال له فخبرني ما رأيك قال أرى أن نخلع الرجلين ونجعل الامر شورى يختار المسلمون لأنفسهم فقال عمرو الرأي ما رأيت ثم أقبلوا على الناس وهم ينتظرونهم وكان عمرو قد عود أبا موسى أن يقدمه في الكلام لما له من الصحبة والسن فقال يا أبا موسى أعلمهم ان رأينا قد اتفق فقال إنا رأينا أمرا نرجوا الله أن يصلح به الأمة فقال له ابن عباس ويحك أظنه خدعك فاجعل له الكلام قبلك فأبى وقال أيها الناس إنا نظرنا في أمر الأمة فلم نر أصلح لهم مما اتفقنا عليه وهو أن نخلع عليا ومعاوية ويولى الناس أمرهم من أحبوا وانى قد خلعتهما فولوا من رأيتموه أهلا فقال عمرو ان هذا قد خلع صاحبه وقد خلعته كما خلعه وأثبت معاوية فهو ولى ابن عفان وأحق الناس بمقامه ثم غدا ابن عباس وسعد على أبي موسى باللائمة فقال ما أصنع غدرني ورجع باللائمة على عمرو وقال لا وفقك الله غدرت وفجرت وحمل شريح على عمرو فضربه بالسيف وضربه ابن عمر كذلك وحجز الناس بينهم فلحق أبو موسى بمكة وانصرف عمرو وأهل الشام إلى معاوية فسلموا عليه بالخلافة ورجع ابن عباس وشريح إلى على بالخبر فكان يقنت إذا صلى الغداة ويقول اللهم العن معاوية وعمرا وحبيبا وعبد الرحمن بن مخلد والضحاك بن قيس والوليد وأبا الأعور وبلغ ذلك معاوية فكان إذا قنت يلعن عليا وابن عباس والحسن والحسين والأشتر (3) * (أمر الخوارج وقتالهم) * ولما اعتزم على أن يبعث أبا موسى للحكومة أتاه زرعة بن البرح الطائي وحرقوص بن زهير السعدي من الخوارج وقالا له تب من خطيئتك وارجع عن قضيتك واخرج بنا إلى عدونا نقاتلهم وقال على قد كتبنا بيننا وبينهم كتابا وعاهدناهم فقال حرقوص ذلك ذنب تنبغي التوبة منه فقال على ليس بذنب ولكنه عجز من الرأي فقال زرعة لئن لم تدع تحكيم الرجال لأقاتلنك أطلب وجه الله فقال علي بؤسا لك كأني بك قتيلا تسفى عليك الرياح قال وددت لو كان ذلك وخرجا من عنده يناديان لا حكم الا لله وخطب علي يوما فتنادوا من جوانب المسجد بهذه الكلمة فقال علي الله أكبر كلمة حق أريد بها باطل وخطب ثانيا فقالوا كذلك فقال أما ان لكم عندنا ثلاثا ما صحبتمونا لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسمه ولا الفئ ما دمتم معنا ولا نقاتلكم حتى تبدؤونا وننتظر فيكم أمر الله ثم اجتمع الخوارج في منزل عبد الله بن وهب الراسبي فوعظهم وحرضهم على الخروج إلى بعض النواحي لانكار هذه البدع وتبعه حرقوص بن زهير في المقالة
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»