تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٦١
بكتاب الله وأقرب إلى العمل به من أولئك وهو يقول ما يقول وانما معه الذين أعانوا على عثمان فكيف إذا اصطلحوا واجتمعوا ورأوا قلتنا في كثرتهم فقال الأشتر رأيهم والله فينا واحد وأن يصطلحوا فعلى دمائنا فهلموا نثب على طلحة نلحقه بعثمان ثم يرضى منا بالسكون فقال ابن السوداء طلحة وأصحابه نحو من خمسة آلاف وأنتم الفان وخمسمائة فلا تجدون إلى ذلك سبيلا وقال علباء بن الهيثم اعتزلوا الفريقين حتى يأتيكم من تقومون به فقال ابن السوداء ود والله الناس لو انفردتم فيتخطفونكم فقال عدى والله ما رضيت ولا كرهت فاما إذ وقع ما وقع ونزل الناس بهذه المنزلة فان لنا خيلا وسلاحا فان أقدمتم أقدمنا وان أحجمتم أحجمنا ثم قال سالم بن ثعلبة وسويد بن أوفى أبرموا امركم ثم تكلم ابن السوداء فقال يا قوم ان عزكم في خلطة الناس فصانعوهم وإذا التقى الناس غدا فانشبوا القتال فلا يجدون بدا منه ويشغلهم الله عما تكرهون وافترقوا على ذلك وأصبح على راحلا حتى نزل على عبد القيس فانضموا إليه وساروا معه فنزل الزاوية وسار من الزاوية إلى البصرة وسار طلحة والزبير وعائشة من الفرضة والتقوا بموضع قصر عبيد الله بن زياد منتصف جمادى الآخرة وتراسلت بكر بن وائل وعبد القيس وجاؤا إلى علي رضي الله عنه فكانوا معه وأشار على الزبير بعض أصحابه أن يناجز القتال فاعتذر بما وقع بينه وبين القعقاع وطلب من على رضى الله تعالى عنه أصحابه مثل ذلك فأبى وسئل ما حالنا وحالهم في القتلى فقال أرجو أن لا يقتل منا ومنهم أحد نقى قلبه لله الا أدخله الله الجنة ونهى عن قتالهم وبعث إليهم حكيم بن سلام ومالك بن حبيب ان كنتم على ما جاء به القعقاع فكفوا حتى ننزل وننظر في الامر وجاءه الأحنف بن قيس وكان معتزلا عن القوم وقد كان بايع عليا بالمدينة بعد قتل عثمان مرجعه من الحج قال الأحنف ولم أبايعه حتى لقيت طلحة والزبير وعائشة بالمدينة وعثمان محصور وعلمت انه مقتول فقلت لهم من أبايع بعده قالوا عليا فلما رجعت وقد قتل عثمان بايعت عليا فلما جاؤوا إلى البصرة دعوني إلى قتال على فحرت في أمرى بين خذلانهم أو خلع طاعتي فقلت ألم تأمروني بمبايعته قالوا نعم لكنه بدل وغير فقلت لا أنقض بيعتي ولا أقاتل أم المؤمنين ولكن أعتزل ونزل بالجلحاء على فرسخين من البصرة في زهاء ستة آلاف فلما قدم على جاءه وخيره بين القتال معه أو كف عشرة آلاف سيف عنه فاختار الكف ونادى في تميم وبنى سعد فأجابوه فاعتزل بهم حتى ظفر على فرجع إليه واتبعه ولما ترا آي الجمعان خرج طلحة والزبير وجاءهم على حتى اختلفت أعناق دوابهم فقال على لقد أعددتما سلاحا وخيلا ورجالا ان كنتما أعددتما عند الله عذرا ألم أكن أخاكما في دينكما تحرمان دمى وأحرم دمكما فهل من حدث أحل لكما دمى
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»