ويفيضون في النكير على عثمان وفشت المقالة في ذلك من أتباعهم وتنادوا بالظلم من الأمراء في جهاتهم وانتهت الاخبار بذلك إلى الصحابة بالمدينة فارتابوا لها وأفاضوا في عزل عثمان وحمله على عزل أمرائه وبعث إلى الأمصار من يأتيه بصحيح الخبر محمد بن مسلمة إلى الكوفة وأسامة بن زيد إلى البصرة وعبد الله بن عمر إلى الشام وعمار بن ياسر إلى مصر وغيرهم إلى سوى هذه فرجعوا إليه فقالوا ما أنكرنا شيئا ولا أنكره أعيان المسلمين ولا عوامهم الا عمارا فإنه استماله قوم من الأشرار انقطعوا إليه منهم عبد الله بن سبأ ويعرف بابن السوداء كان يهوديا وهاجر أيام عثمان فلم يحسن اسلامه وأخرج من البصرة فلحق بالكوفة ثم بالشام وأخرجوه فلحق بمصر وكان يكثر الطعن على عثمان ويدعو في السر لأهل البيت ويقول إن محمدا يرجع كما يرجع عيسى وعنه أخذ ذلك أهل الرجعة وان عليا وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث لم يجز وصيته وان عثمان أخذ الامر بغير حق ويحرض الناس على القيام في ذلك والطعن على الأمراء فاستمال الناس بذلك في الأمصار وكاتب به بعضهم بعضا وكان معه خالد بن ملجم وسودان بن حمران وكنانة بن بشر فثبطوا عمارا عن المسير إلى المدينة (وكان مما أنكروه على عثمان) اخراج أبي ذر من الشام ومن المدينة إلى الربذة وكان الذي دعا إلى ذلك شدة الورع من بنت أبي ذر وحمله الناس على شدائد الأمور والزهد في الدنيا وانه لا ينبغي لاحد أن يكون عنده أكثر من قوت يومه ويأخذ بالظاهر في ذم الادخار بكنز الذهب والفضة وكان ابن سبأ يأتيه فيغريه بمعاوية ويعيب قوله المال مال الله ويوهم ان في ذلك احتجانه للمال وصرفه على المسلمين حتى عتب أبو ذر معاوية فاستعتب له وقال سأقول مال المسلمين وأتى ابن سبأ إلى أبي الدرداء وعبادة بن الصامت بمثل ذلك فدفعوه وجاء به عبادة إلى معاوية وقال هذا الذي بعث عليك أبا ذر (ولما) كثر ذلك على معاوية شكاه إلى عثمان فاستقدمه وقال له ما لأهل الشام يشكون منك فأخبره فقال يا أبا ذر لا يمكن حمل الناس على الزهد وانما على أن أقضي بينهم بحكم الله وأرغبهم في الاقتصاد فقال أبو ذر لا نرضى من الأغنياء حتى يبذلوا المعروف ويحسنوا للجيران والاخوان ويصلوا القرابة فقال له كعب الأحبار من أدى الفريضة فقد قضى ما عليه فضربه أبو ذر فشجه وقال يا ابن اليهودية ما أنت وهذا فاستوهب عثمان من كعب شجته فوهبه ثم استأذن أبو ذر عثمان في الخروج من المدينة وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني بالخروج منها إذا بلغ البناء سلعا فأذن له ونزل الربذة وبنى بها مسجدا وأقطعه عثمان صرمة من الإبل وأعطاه مملوكين وأجرى عليه رزقا وكان يتعاهد المدينة فعد أولئك الرهط خروج أبي ذر فيما ينقمونه على عثمان مع ما كان من أعطاء مروان خمس مغانم إفريقية
(١٣٩)