تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٣٤
ذلك أن أخرج محرما من موقفي هذا فأحرم بعمرة من نيسابور وقدم على عثمان استخلف على خراسان قيس بن الهيثم فسار قيس في أرض طخارستان ودوخها وامتنع عليه سنجار فافتتحها عنوة * (ولاية سعيد بن العاصي الكوفة) * كان عثمان لأول ولايته قد ولى على الكوفة الوليد بن عقبة استقدمه إليها من عمله بالحزيرة وعلى بنى تغلب ونجرهم من العرب فبقي على ولاية الكوفة خمس سنين وكان أبو زبيد الشاعر قد انقطع إليه من أخواله بنى تغلب ليد أسداها إليه وكان نصرانيا فأسلم على يده وكان يغشاه بالمدينة والكوفة وكان أبو زبيد يشرب الخمر فكان بعض السفهاء يتحدث بذلك في الوليد لملازمته إياه ثم عدا الشباب من الأزد بالكوفة على رجل من خزاعة فقتلوه ليلا في بيته وشهد عليهم أبو شريح الخزاعي فقتلهم الوليد فيه بالقسامة وأقام آباؤهم للوليد على حقه وكانوا ممن يتحدثون فيه وجاؤا إلى ابن مسعود بمثل ذلك فقال لا نتبع عورة من استتر عنا وتغيظ الوليد من هذه المقالة وعاتب ابن مسعود عليها ثم عمد أحد أولئك الرهط إلى ساحر قد أتى به الوليد فاستفتى ابن مسعود فيه وأفتى بقتله وحبسه الوليد ثم أطلقه فغضبوا وخرجوا إلى عثمان شاكين من الوليد وانه يشرب الخمر فاستقدمه عثمان وأحضره وقال رأيتموه يشرب قالوا لا وانما رأيناه يقئ الخمر فأمر سعيد بن العاصي فجلده وكان على حاضرا فقال انزعوا خميصته للجلد وقيل إن عليا أمر ابنه الحسن أن يجلده فأبى فجلده عبد الله بن جعفر ولما بلغ أربعين قال أمسك جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر أربعين وجلد عمر ثمانين وكل سنة ولما وقعت هذه الواقعة عزل عثمان الوليد عن الكوفة وولى مكانه سعيد بن العاصي بن سعيد بن العاصي بن أمية مات سعيد الأول كافرا وكان يكنى أحيحة وخالد ابنه عم سعيد الثاني ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم صنعاء وكان يكتب له واستشهد يوم مرج الصفر وربى سعيد الثاني في حجر عثمان فلما فتح الشام أقام مع معاوية ثم استقدمه عثمان وزوجه وأقام عنده حتى كان من رجال قريش فلما استعمله عثمان وذلك سنة ثلاثين سار إلى الكوفة ومعه الأشتر وأبو خشة الغفاري وجندب بن عبد الله والصعب بن جثامة وكانوا شخصوا مع الوليد ليعينوه فصاروا عليه فلما وصل خطب الناس وحذرهم وتعرف الأحوال وكتب إلى عثمان ان أهل الكوفة قد اضطرب أمرهم وغلب الروادف والتابعة على أهل الشرف والسابقة فكتب إليه عثمان أن يفضل أهل السابقة ويجعل من جاء بعدهم تبعا ويعرف لكل منزلته ويعطيه حقه فجمع الناس وقرأ عليهم كتاب عثمان وقال أبلغوني حاجة ذي الحاجة وجعل القراء في سمره
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»