تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٥٠
الابن الوحيد وقال له شمعون الصفا انك ابن الله حقا فلما أثبتوا هذه الأبوة من ظاهر هذا اللفظ زعموا أن عيسى ابن مريم من أب قديم وكان اتصاله بمريم تجسد كلمة منه مازجت جسد المسيح وتدرعت به فكان مجموع الكلمة والجسد ابنا وهو ناسوت كلى قديم أزلي وولدت مريم إلها أزليا والقتل والصلب وقع على الجسد والكلمة ويعبرون عنهما بالناسوت واللاهوت وأقاموا على هذه العقيدة ووقع بينهم فيها اختلاف وظهرت مبتدعة من النصرانية اختلفت أقوالهم الكفرية كان من أشدهم ابن دنصان ودافعهم هؤلاء الأساقفة والبطاركة عن معتقدهم الذين كانوا يزعمونه حقا وظهر يونس الشميصاني بطرك أنطاكية بعد حين أيام افلوديس قيصر فقال بالوحدانية ونفى الكلمة والروح وتبعه جماعة على ذلك ثم مات فرد الأساقفة مقالته وهجروها ولم يزالوا على ذلك إلى أيام قسطنطين بن قسطنطين فتنصر ودخل في دينهم وكان بإسكندرية اسكندروس البطرك وكان لعهده اريوش من الأساقفة وكان يذهب إلى حدوث الابن وأنه انما خلق الخلق بتفويض الأب إليه في ذلك فمنعه اسكندروس الدخول إلى الكنيسة وأعلم أن ايمانه فاسد وكتب بذلك إلى سائر الأساقفة والبطاركة في النواحي وفعل ذلك بأسقفين آخرين على مثل رأى أريوش فدفعوا أمرهم إلى قسطنطين وأحضرهم جميعا لتسع عشرة من دولته وتناظروا ولما قال أريوش ان الابن حادث وأن الأب فوض إليه بالخلق وقال الاسكندروس لخلق استحق الألوهية فاستحسن قسطنطين قوله وأذن له أن يشيد بكفر أريوش وطلب الاسكندروس باجتماع النصرانية لتحرير المعتقد الايماني فجمعهم قسطنطين وكانوا ألفين وثلثمائة وأربعين أسقفا وذلك في مدينة نيقية فسمى المجتمع مجتمع نيقية وكان رئيسهم الاسكندروس بطرك إسكندرية واسطانس بطرك أنطاكية ومقاريوس أسقف بيت المقدس وبعث سلطوس بطرك رومة بقسيس حضر معهم لذلك نيابة عنه فتفاوضوا وتناظروا واتفقوا عنهم بعد الاختلاف الكثير على ثلثمائة وثمانية عشر أسقفا على رأى واحد فصار قسطنطين إلى قولهم وأعطى سيفه وخاتمه وباركوا عليه ووضعوا له قوانين الدين والملك ونفى أريوش وأشيد بكفره وكتبوا العقيدة التي اتفق عليها أهل ذلك المجمع ونصها عندهم على ما نقله ابن العميد من مؤرخيهم والشهرستاني في كتاب الملل والنحل وهو نؤمن بالله الواحد الأحد الأب مالك كل شئ وصانع ما يرى وما لا يرى وبالابن الوحيد ايشوع المسيح ابن الله ذكر الخلائق كلها وليس بمصنوع اله حق من جوهر أبيه الذي بيده أتقنت العوالم وكل شئ الذي من أجلنا ومن أجل خلاصنا بعث العوالم وكل شئ الذي نزل من السماء وتجسد من روح القدس وولد من مريم البتول وصلب أيام فيلاطوس ودفن ثم قام في اليوم الثالث
(١٥٠)
مفاتيح البحث: ابن العميد (1)، الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»