وكان زاهدا متقشفا فأغرى به حمران صاحب ابن عامر فلم يقبل سعايته ثم أذن له عثمان فقدم المدينة ومعه قوم فسعوا بعامر بن عبد القيس انه لا يرى التزويج ولا يأكل اللحم ولا يشهد الجمعة فألحقه عثمان بمعاوية وأقام عنده حتى تبينت براءته وعرف فضله وحقه وقال ارجع إلى صاحبك فقال لا أرجع إلى بلد استحل أهله منى ما استحلوا وأقام بالشام كثير العبادة والانفراد بالسواحل إلى أن هلك (ولما) فشت المقالات بالطعن والارجاف على الأمراء اعتزم سعيد بن العاصي على الوفادة على عثمان سنة أربع وثلاثين وكان قبلها قد ولى على الاعمال أمراء من قبله فولى الأشعث بن قيس على آذربيجان وسعيد بن قيس على الري والنسير العجلي على همذان والسائب بن الأقرع على اصبهان ومالك بن حبيب على ماه وحكيم بن سلامة على الموصل وجرير بن عبد الله على قرقيسيا وسلمان بن ربيعة على الباب وجعل على حلوان عتيبة بن النهاس وعلى الحرب القعقاع بن عمرو فخرجوا لأعمالهم وخرج هو وافدا على عثمان واستخلف عمرو بن حريث وخلت الكوفة من الرؤساء وأظهر الطاعنون أمرهم وخرج بهم يزيد ابن قيس يريد خلع عثمان فبادره القعقاع بن عمرو فقال له انما نستعفي من سعيد وكتب يزيد إلى الرهط الذين عند عبد الرحمن بن خالد بحمص في القدوم فساروا إليه وسبقهم الأشتر ووقف على باب المسجد يوم الجمعة يقول جئتكم من عند عثمان وتركت سعيدا يريده على نقصان نسائكم على مائة درهم ورد أولى البلاء منكم إلى ألفين ويزعم أن فيئكم بستان قريش ثم استخف الناس ونادى يزيد في الناس من شاء أن يلحق بيزيد لرد سعيد فليفعل فخرجوا وذوو الرأي يعذلونهم فلا يسمعون وأقام أشراف الناس وعقلاؤهم مع عمرو بن حريث ونزل يزيد وأصحابه الجزعة قريبا من القادسية لاعتراض سعيد ورده فلما وصل قالوا ارجع فلا حاجة لنا بك قال انما كان يكفيكم أن تبعثوا واحدا إلى والى عثمان رجلا وقال مولى له ما كان ينبغي لسعيد أن يرجع فقتله الأشتر ورجع سعيد إلى عثمان فأخبره بخبر القوم وأنهم يختارون أبا موسى الأشعري فولاه الكوفة وكتب إليهم أما بعد فقد أمرت عليكم من اخترتم وأعفيتكم من سعيد ووالله لأقرضنكم عرضي ولأبذلنكم صبري ولأستصلحنكم بجهدي (وخطب) أبو موسى الناس وأمرهم بلزوم الجماعة وطاعة عثمان فرضوا ورجع الأمراء من قرب الكوفة واستمر أبو موسى على عمله (وقيل) ان أهل الكوفة أجمع رأيهم أن يبعثوا إلى عثمان ويعذلوه فيما نقم عليه فأجمع رأيهم على عامر بن عبد القيس الزاهد وهو عامر بن عبد الله من بنى تميم ثم من بنى العنبر فأتاه وقال له أن ناسا اجتمعوا ونظروا في أعمالك فوجدوك ركبت أمورا عظاما فاتق الله وتب إليه فقال عثمان
(١٤٢)