تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٢٨
واستقام الملك لهرقانوس وكان خيرا الا انه كان ضعيفا عن لقاء الحروب فتغلب عليه انظفتر واستبد على الدولة وقدم ابنه فسيلو ناظرا في بيت المقدس وابنه هيردوس عاملا على جبل الخليل وكان كما بلغ الحلم واحتازوا الملك من أطرافه وامتلأ أهل الدولة منهم حسدا وكثرت السعاية فيهم وكان في أطراف عملهم ثائر من اليهود يسمى حزقيا وكان شجاعا صعلوكا واجتمع إليه أمثاله فكانوا يغيرون على الأرمن وينالون منهم وعظمت نكايتهم فيهم فشكى عامل بلاد الأرمن وهو سفيوس بن عم قيصر إلى هيردوس وهو بجبل الخليل ما فعله حزقيا وأصحابه في بلادهم فبعث هيردوس إليهم سرية فكبسوهم وقتل حزقيا وغيره منهم وكتب بذلك إلى سفيوس فشكره وأهدى إليه ونكر اليهود ذلك من فعل هيردوس وتظلموا منه عند هرقانوس وطلبوه في القصاص منه فأحضروه في مجلس الاحكام وأحضر السبعين شيخا من اليهود وجاء هيردوس متسلحا ودافع عن نفسه وعلم هرقانوس بغرض الأشياخ ففصلوا المجلس فنكروا ذلك على هرقانوس ولحق هيردوس ببلاد الأرمن فقدمه سفيوس على عمله ثم أرسل هرقانوس إلى قيصر يسال تجديد عهود الروم لهم فكتب له بذلك وأمر بأن يحمل أهل الساحل خراجهم إلى بيت المقدس ما بين صيدا وغزة ويحمل أهل صيدا إليها في كل سنة عشرين ألف وسق من القمح وأن يرد على اليهود سائر ما كان بأيديهم إلى الفرات واللاذقية وأعمالها وما كان بنو حشمناى فتحوه عنوة من عدوات الفرات لان فمقيوس كان يتعدى عليهم في ذلك وكتب العهد بذلك في ألواح من نحاس بلسان الروم ويونان وعلقت في أسوار صور وصيدا واستقام أمر هرقانوس قال ابن كريون ثم قتل قيصر ملك الروم وانظفتر وزير هرقانوس المستبد عليه أما قيصر فوثب عليه كيساوس من قواد فمقيوس فقتله وملك وجمع العساكر وعبر البحر إلى بلاد أشيت ففتحها ثم سار إلى القدس وطالبهم بسبعين بدرة من الذهب فجمع له انظفتر وبنوه من اليهود ثم رجع كيساوس إلى مقدونية فأقام بها وأما انظفتر فان اليهود داخلوا القائد ملكيا الذي كان بين أظهرهم من قبل كيساوس في قتل انظفتر وزير هرقانوس فأجابهم إلى ذلك فدسوا إلى ساقيه سما فقتله وجاء ابنه هيردوس إلى القدس مجمعا قتل هرقانوس فكفه فسيلو عن ذلك وجاء كيساوس من مقدونية إلى صور ولقى هرقانوس وهيردوس وشكوا إليه ما فعله قائده ملكيا من مداخلة اليهود في قتل انظفتر فأذن لهم في قتله فقتلوه ثم زحف كينانوس بن اخى قيصر وقائده انطيوس في العساكر لحرب كيساوس المتوثب على عمه قيصر فلقيهم قريبا من مقدونية فظفرا به وقتلاه وملك كينانوس مكان عمه وسمى أوغسطس قيصر باسم عمه فأرسل إليه هرقانوس ملك اليهود بهدية وفيها تاج من الذهب مرصع بالجواهر
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»