ألا تسمعون إلى هذا الذي يزعم الناس انه قارئ ثم يجئ يكلمني في المحقرات ووالله لا يدرى أين الله فقال عامر بل والله إني لأدري إن الله لبالمرصاد فأرسل عثمان إلى معاوية وعبد الله بن أبي سرح وسعيد بن العاصي وعبد الله بن عامر وعمرو بن العاصي وكانوا بطانته دون الناس فجمعهم وشاورهم وقال إنكم وزرائي ونصحائي وأهل ثقتي وقد صنع الناس ما رأيتم فطلبوا أن أعزل عمالي وأرجع إلى ما يحبون فاجتهدوا رأيكم فقال ابن عامر أرى أن تشغلهم بالجهاد وقال سعيد متى تهلك قادتهم يتفرقوا وقال معاوية اجعل كفالتهم إلى أمرائهم وأنا أكفيك الشام وقال عبد الله استصلحهم بالمال فردهم عثمان إلى أعمالهم وأمرهم بتجهيز الناس في البعوث ليكون لهم فيها شغل ورد سعيدا إلى الكوفة فلقيه الناس بالجزعة وردوه كما ذكرناه وولى أبا موسى وأمر عثمان حذيفة بغزو الباب فسار نحوه (ولما كثر) هذا الطعن في الأمصار وتواتر بالمدينة وكثر الكلام في عثمان والطعن عليه وكان له منهم شيعة يذبون عنه مثل زيد بن ثابت وأبى أسيد الساعدي وكعب بن مالك وحسان بن ثابت فلم يغنوا عنه واجتمع الناس إلى علي بن أبي طالب وكلموه وعددوا عليه ما نقموه فدخل على عثمان وذكر له شأن الناس وما نقموا عليه وذكره بأفعال عمر وشدته ولينه هو لعماله وعرض عليه ما يخاف من عواقب ذلك في الدنيا والآخرة فقال له أن المغيرة بن شعبة وليناه وعمر ولاه ومعاوية كذلك وابن عامر تعرفون رحمه وقرابته فقال له على أن عمر كان يطأ على صماخ من ولاه وأنت ترفق بهم وكانوا أخوف لعمر من غلامه يرفأ ومعاوية يستبد عليك ويقول هذا أمر عثمان فلا تغير عليه ثم تكالما طويلا وافترقا وخرج عثمان على اثر ذلك وخطب وعرض بما هو فيه من الناس وطعنهم وما يريدون منه وانهم تجرؤا عليه لرفقه بما لم يتجرؤوا بمثله على ابن الخطاب ووافقهم برجوعه في شأنه إلى ما يقدمهم * (حصار عثمان ومقتله رضي الله عنه وأثابه ورفع درجته) * ولما كثرت الإشاعة في الأمصار بالطعن على عثمان وعماله وكتب بعضهم إلى بعض في ذلك وتوالت الاخبار بذلك على أهل المدينة جاؤوا إلى عثمان وأخبروه فلم يجدوا عنده علما منه وقال أشيروا على وأنتم شهود المؤمنين قالوا تبعث من تثق به إلى الأمصار يأتوك بالخبر فأرسل محمد بن مسلمة إلى الكوفة وأسامة بن زيد إلى البصرة وعبد الله ابن عمر إلى الشام وغيرهم إلى سواها فرجعوا وقالوا ما أنكرنا شيئا ولا أنكره علماء المسلمين ولا عوامهم وتأخر عمار بن ياسر بمصر واستماله ابن السوداء وأصحابه خالد بن ملجم وسودان بن حمران وكنانة بن بشر وكتب عثمان إلى أهل الأمصار انى قد رفع إلى
(١٤٣)