تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٣٦
وكانت هذه الصحف هي التي كتبت أيام بنت أبي بكر فان القتل لما استحر في القراء يوم اليمامة قال عمر لابي بكر أرى أن تأمر بجمع القرآن لئلا يذهب الكثير منه لفناء القراء فأبى وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعله ثم استبصر ورجع إلى رأى عمر وأمر زيد بن ثابت بجمعه من الرقاع والعسب وصدور الرجال وكتب في الصحف فكانت عند أبي بكر ثم عند عمر ثم عند حفصة وأرسل عثمان فأخذها وأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاصي وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف وقال إذا اختلفتم فاكتبوها بلسان قريش ففعلوا ونسخوا المصاحف فبعث إلى كل أفق بمصحف يعتمد عليه وحرق ما سوى ذلك الصحابة في سائر الأمصار ونكره عبد الله بن مسعود في الكوفة حتى نحاهم عن ذلك وحملهم عليه * (مقتل يزدجرد) * لما خرج ابن عامر من البصرة إلى فارس فافتتحها هرب يزدجرد من جور وهي أردشير خره في سنة ثلاثين وبعث ابن عامر في إثره مجاشع بن مسعود وقيل هرم بن حيان اليشكري وقيل العبسي فاتبعه إلى كرمان فهرب إلى خراسان وهلك الجند في طريقهم بالثلج فلم يسلم الا مجاشع ورجع معه وكان مهلكهم على خمسة فراسخ من السيرجان ولحق يزدجرد بمرو ومعه خرزاذ أخو رستم فرجع عنه إلى العراق ووصى به ماهويه مرزبان مرو فسأله في المال فمنعه وخافه على نفسه وعلى مرو واستجاش بالترك فبيتوه وقتل أصحابه وهرب يزدجرد ماشيا إلى شط المرغاب وآوى إلى بيت رجل ينقر الأرحاء فلما نام قتله ورماه في النهر وقيل انما بيته أهل مرو ولما جاؤوا إلى بيت الرجل أخذوه وضربوه فأقر بقتله فقتلوه وأهله واستخرجوا يزدجرد من النهر وحملوه في تابوت إلى إصطخر فدفن في ناوس هنا لك وقيل إن يزدجرد هرب من وقعة نهاوند إلى أرض اصبهان واستأذن عليه بعض رؤسائها وحجب فضرب البواب وشحه فرحل عن اصبهان إلى الري وجاء صاحب طبرستان وعرض عليه بلاده فلم يجبه ومضى من فوره ذلك إلى سجستان ثم إلى مرو في ألف فارس وقيل بل أقام بفارس أربع سنين ثم بكرمان سنتين وطلبه دهقانها في شئ فمنعه فطرده عن بلاده وأقام بسجستان خمس سنين ثم نزل خراسان ونزل مرو ومعه الرهن من أولاد الدهاقين وفرخزاذ وكاتب ملوك الصين وفرغانة والخزر وكابل وكان دهقان مرو قد منعه الدخول خوفا من مكره ووكل ابنه بحفظ الأبواب فعمد يزدجرد يوما إلى مرو ليدخلها فمنعه ابن الدهقان وأظهر عصيان أبيه في ذلك وقيل بل أراد يزدجرد أن يجعل ابن أخيه دهقانا عليها فعمل في هلاكه وكتب إلى نيزك طرخان يستقدمه لقتل يزدجرد ومصالحة العرب عليه وأن يعطيه كل
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»