تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٠٤
* (وقعة مرج الروم وفتوح مدائن الشام بعدها) * لما انهزم الروم بفحل سار أبو عبيدة وخالد إلى حمص واجتمعوا بذي الكلاع في طريقهم وبعث هرقل توذر البطريق للقائهم فنزلوا جميعا بمرج الروم وكان توذر بإزاء خالد وشمس بطريق آخر بإزاء بنت أبي عبيدة وأمسوا متباريين ثم أصبح فلم يجدوا توذر وسار إلى دمشق واتبعه خالد واستقبله يزيد من دمشق فقاتله وجاء خالد من خلفه فلم يفلت منهم الا القليل وغنموا ما معهم وقاتل شمس أبو عبيدة بعد مسير خالد فانهزم الروم وقتلوا واتبعهم أبو عبيدة إلى حمص ومعه خالد فبلغ ذلك هرقل فبعث بطريق حمص إليها وسار هو في الرهاء فحاصر أبو عبيدة حمص حتى طلبوا الأمان فصالحهم وكان هرقل يعدهم في حصارهم المدد وأمر أهل الجزيرة بامدادهم فساروا لذلك وبعث سعد بن أبي وقاص العساكر من العراق فحاصروا هيت وقرقيسيا فرجع أهل الجزيرة إلى بلادهم ويئس أهل حمص من المدد فصالحوا على صلح أهل دمشق وأنزل أبو عبيدة فيها السمط بن الأسود في بنى معاوية من كندة والأشعث بن ميناس في السكون والمقداد في بلى وغيرهم وولى عليهم أبو عبيدة عبادة بن الصامت وصار إلى حماة فصالحوه على الجزية عن رؤسهم والخراج عن أرضهم ثم سار نحو شيزر فصالحوا كذلك ثم إلى المعرة كذلك ويقال معرة النعمان وهو النعمان بن بشير الأنصاري ثم سار إلى اللاذقية ففتحها عنوة ثم سلمية أيضا ثم أرسل أبو عبيدة خالد بن الوليد إلى قنسرين فاعترضه ميناس عظيم الروم بعد هرقل فهزمهم خالد وأثخن فيهم ونازل قنسرين حتى افتتحها عنوة وخربها وأدرب إلى هرقل من نا حينه وأدرب عياض بن غنم لذلك وأدرب عمر بن مالك من الكوفة إلى قرقيسيا وأدرب عبد الله بن المعتمر من الموصل فارتحل هرقل إلى القسطنطينية من أمدها وأخذ أهل الحصون بين الإسكندرية وطرسوس وشعبها أن ينتفع المسلمون بعمارتها ولما بلغ عمر صنيع خالد قال امر خالد نفسه يرحم الله أبا بكر هو كان أعلم منى بالرجال وقد كان عزل خالدا والمثنى بن حارثة خشية أن يداخلهما كبر من تعظيم فوكلوا إليه ثم رجع عن رأيه في المثنى عند قيامه بعد أبي عبيد وفى خالد بعد قنسرين فرجع خالد إلى امارته (ولما) فرغ أبو عبيدة من قنسرين سار إلى حلب وبلغه ان أهل قنسرين غدروا فبعث إليهم السمط الكندي فحاصرهم وفتح وغنم ووصل أبو عبيدة إلى خناصر حلب وهو موضع قريب منها يجمع أصنافا من العرب فصالحوا على الجزية ثم أسلموا بعد ذلك ثم أتى حلب وكان على مقدمته عياض بن غنم الفهري فحاصرهم حتى صالحوه على الأمان وأجاز ذلك أبو عبيدة وقيل صولحوا على مقاسمة الدور والكنائس وقيل انتقلوا إلى أنطاكية حتى صالحوا ورجعوا إلى حلب
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»