تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ٣٨
الأمة المعروفة ثم ابتلى الله إبراهيم بذبح ابنه في رؤيا رآها وهي وحي وكانت الفدية ونجى الله ذلك الولد كما قص في القرآن واختلف في ذلك الذبيح من ولديه فقيل إسماعيل وقيل اسحق وذهب إلى كلا القولين جماعة من الصحابة والتابعين فالقول بإسماعيل لابن عباس وابن عمر والشعبي ومجاهد والحسن ومحمد بن كعب القرظي وقد يحتجون له بقوله صلى الله عليه وسلم أنا ابن الذبيحين ولا تقوى الحجة به لان عم الرجل قد يجعل أباه بضرب من التجوز لا سيما في مثل هذا الفخر ويحتجون أيضا بقوله تعالى فبشرناها بإسحاق ومن وراء اسحق يعقوب ولو كان ذبيحا في زمن الصبا لم تصح البشارة بابن يكون له لان الذبح في الصبا ينافي وجود الولد ولا تقوم من ذلك حجة لان البشارة انما وقعت على وفق العلم بأنه لا يذبح وانما كان ابتلاء لإبراهيم والقول بإسحاق للعباس وعمر وعلى وابن مسعود وكعب الأحبار وزيد بن أسلم ومسروق وعكرمة وسعيد بن جبير وعطا والزهري ومكحول والسدى وقتادة (وقال الطبري) والراجح أنه اسحق لان نص القرآن يقتضى أن الذبيح هو المبشر به ولم يبشر إبراهيم بولد الا من زوجته سارة مع أن البشارة وقعت إجابة لدعائه عند مهاجره من أرض بابل وقوله انى ذاهب إلى ربى سيهدين ثم قال عقبه رب هب لي من الصالحين ثم قال عقبه فبشرناه بغلام حليم وذلك كله كان قبل هاجر لان هاجر انما ملكتها سارة بمصر وملكتها لإبراهيم بعد ذلك بعشر سنين فالمبشر به قبل ذلك كله انما هو ابن سارة فهو الذبيح بهذه الدلالة القاطعة وبشارة الملائكة لسارة بعد ذلك حين كانوا ضيوفا عند إبراهيم في مسيرهم لاهلاك سدوم انما كان تجديدا للبشارة المتقدمة اه‍ ثم توفيت سارة لمائة وسبع وعشرين من عمرها وذلك في قرية جيرون من بلاد بنى حبيب الكنعانيين فطلب إبراهيم منهم مقبرة لها فوهبه عفرون بن صخر مغارة كانت في مزرعته فامتنع من قبولها الا بالثمن فأجاب إلى ذلك وأعطاه إبراهيم أربعمائة مثقال فضة ودفن فيها سارة وتزوج إبراهيم من بعدها قطورا بنت يقطان من الكنعانيين وقال السهيلي قنطورا بزيادة نون بين القاف والطاء وهذا الاسم أعجمي وطاؤه قريبة من التاء فولدت له كما هو مذكور في التوراة ستة من الولد وهم زمران يقشان مدان مدين أشبق شوخ ثم وقع في التوراة ذكر أولادهم فولد يقشان سبا ودذان وولد دذان أشور ثم ولطوسيح ولاميم وولد مدين عيفا وعيفين وحنوخ وافيداع والزاعا هذا آخر ولده من قنطورا في التوراة وقال السهيلي كان لإبراهيم عليه السلام أولاد آخرون خمسة من امرأة اسمها حجين أو حجون بنت أهيب وهم كبسان وفروخ وأميم ولوطان ونافس ولما ذكر الطبري بنى قنطورا الستة وسمى منهم يقشان قال بعده وسائرهم من الأخرى وهي دعوة ثم قال ومن
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»