تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ٢٤
ذلك بصحيح وأهل الرس هم حضور ويأتي ذكرهم في بنى فالغ بن عابر وكذلك يزعم بعض النسابة أن ثقيفا من بقايا ثمود هؤلاء وهو مردود وكان الحجاج بن يوسف إذا سمع ذلك يقول كذبوا وقال والله جل من قائل يقول وثمود فما أبقى أي أهلكهم فما أبقى أحدا منهم وأهل التوراة لا يعرفون شيئا من أخبار عاد ولا ثمود لأنهم لم يقع لهم ذكر في التوراة ولا لهود ولا لصالح عليهما السلام بل ولا لاحد من العرب العاربة لان سياق الاخبار في التوراة عن أولئك الأمم انما هو لمن كان في عمود النسب ما بين موسى وآدم صلوات الله عليهم وليس لاحد من آباء هؤلاء الأجيال ذكر في عمود ذلك النسب فلم يذكروا فيها (وأما جديس وطسم) فعند ابن الكلبي أن جديسا لارم بن سام وديارهم اليمامة وهم اخوان لثمود بن كاثر ولذلك ذكرهم بعدهم وان طسما للاوذ بن سام وديارهم بالبحرين وعند الطبري انهما معا للاذ وديارهم باليمامة ولهذين الاثنين خبر مشهور ينبغي سياقه عند ذكرهم قال الطبري عن هشام بن محمد الكلبي بسنده إلى ابن إسحاق وغيره من علماء العرب ان طسما وجديسا كانوا من ساكني اليمامة وهي إذ ذاك من أخصب البلاد وأعمرها وأكثرها خيرا وثمارا وحدائق وقصورا وكان ملك طسم غشوما لا ينهاه شئ عن هواه ويقال له عملوق وكان مصر الجديس مستذلا لهم حتى كانت البكر من جديس لا تهدى إلى زوجها حتى تدخل عليه فيفترعها وكان السبب في ذلك أن امرأة منهم كان اسمها هزيلة طلقها زوجها وأخذ ولده منها فأمر عملوق ببيعها وأخذ زوجها الخمس من ثمنها فقالت شعرا تتظلم منه فأمر أن لا تزوج منهم امرأة حتى يفترعها فقاموا كذلك حتى تزوجت الشموس وهي عفيرة ابنة غفار بن جديس أخت الأسود فافتضها عملوق فقال الأسود بن غفار لرؤساء جديس قد ترون ما نحن فيه من الذل والعار الذي ينبغي للكلاب ان تعافه فأطيعوني أدعوكم إلى عز الدهر فقالوا وما ذاك قال اصنع للملك وقومه دعوة فإذا جاؤوا يعنى طسما نهضنا إليهم بأسيافنا فنقتلهم فاجمعوا على ذلك ودفنوا سيوفهم في الرمل ودعوا عملوقا وقومه فلما حضروا قتلوهم فأفنوهم وقتل الأسود عملوقا وأفلت رباح بن مرة بن طسم فأتى حسان بن تبع مستغيثا فنهض حسان في حمير لاغاثته حتى كان من اليمامة على ثلاث مراحل قال لهم رباح ان لي أختا مزوجة في جديس اسمها اليمامة ليس على وجه الأرض أبصر منها وانها لتبصر الراكب على ثلاث مراحل وأخاف أن تنظر القوم فأمر كل رجل أن يقلع شجرة فيجعلها في يده ويسير كأنه خلفها ففعلوا وبصرت بهم اليمامة فقالت لجديس لقد سارت إليكم حمير وانى أرى رجلا من وراء شجرة بيده كتف يتعرقها أو نعل يخصفها فاستبعدوا ذلك ولم يحفلوا به وصبحهم حسان وجنوده
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 23 24 25 27 28 30 31 ... » »»