تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ٤٠
فوهبت جاريتها بلها ليعقوب لتلد منه فولدت له دان ثم نفتالى ولما فعلت ذلك راحيل وهبت أختها ليا ليعقوب عليه السلام جاريتها زلفة فولدت له كاد وآشر ثم ولدت ليا من بعد ذلك يساخر ثم زبولون فكمل له بذلك عشرة من الولد ثم دعت راحيل الله عز وجل أن يهب لها ولدا من يعقوب فولدت يوسف وقد كملت له بحران عشرون سنة ثم أمر بالرحيل إلى أرض كنعان التي وعدوا بملكها فارتحل وخرج لابان في اتباعه وعزم له في المقام عنده فأبى فودعه وانصرف إلى حران وسار يعقوب لوجهه حتى إذا قرب من بلد عيصو وهو جبل يسعين بأرض الكرك والشوبك لهذا العهد اعترضه عيصو لتلقيه وكرامته فأهدى إليه يعقوب من ماشيته هدية احتفل فيها وتودد إليه بالخضوع والتضرع فذهب ما كان عند عيصو وأوحى الله إليه بأن يكون اسمه إسرائيل ومر على أرشاليم وهي بيت المقدس فاشترى هنالك مزرعة ضرب فيها فسطاطه وأمر ببناء مرجح سماه ايل في مكان الصخرة ثم حملت راحيل هنا لك فولدت له بنيامين وماتت من نفاسه ودفنها في بيت لحم ثم جاء إلى أبيه اسحق بقرية جيرون من أرض كنعان فأقام عنده ومات اسحق عليه السلام لمائة وثمانين سنة من عمره ودفن مع أبيه في المغارة وأقام يعقوب بمكانه وولده عنده وشب يوسف عليه السلام على غير حالهم من كرامة الله به وقص عليهم رؤياه التي بشر الله فيها بأمره فغصوا به وخرجوا معه إلى الصيد فألقوه في الجب واستخرجه السيارة الذين مروا به بعد ذلك وباعوه للعرب بعشرين مثقالا ويقال ان الذي تولى بيعه هو مالك بن دعر بن وأين بن عيفا بن مدين واشتراه من العرب عزيز مصر وهو وزيرها أو صاحب شرطتها قال ابن إسحاق واسمه اطفير بن رجيب وقيل قوطفير وكان ملكها يومئذ من العماليق الريان بن الوليد بن دومغ وربى يوسف عليه السلام في بيت العزيز فكان من شأنه مع امرأته زليخا ومكثه في السجن وتعبيره الرؤيا للمحبوسين من أصحاب الملك ما هو مذكور في الكتاب الكريم ثم استعمله ملك مصر عند ما خشى السنة والغلاء على خزائن الزرع في سائر مملكته بقدر جمعها وتصريف الارزاق منها وأطلق يده بذلك في جميع أعماله وألبسه خاتمه وحمله على مركبه ويوسف لذلك العهد ابن ثلاثين سنة فقيل عزل اطفير العزيز وولاه وقيل بل مات اطفير فتزوج زليخا وتولى عمله وكان ذلك سببا لانتظام شمله بأبيه واخوته لما أصابتهم السنة بأرض كنعان وجاء بعضهم للميرة وكال لهم يوسف عليه السلام ورد عليهم بضاعتهم وطالبهم بحضور أخيهم فكان ذلك كله سببا لاجتماعه بأبيه يعقوب بعد أن كبر وعمى (قال ابن إسحاق) كان ذلك لعشرين سنة من مغيبه ولما وصل يعقوب إلى بلبيس قريبا من مصر خرج يوسف ليلقاه ويقال خرج فرعون معه وأطلق لهم أرض بلبيس يسكنون بها وينتفعون
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 46 ... » »»