وكان وصول يعقوب صلوات الله عليه في سبعين راكبا من بنيه ومعه أيوب النبي من بنى عيصو وهو أيوب بن برحما بن زبرج بن رعويل بن عيصو واستقروا جميعا بمصر ثم قبض يعقوب صلوات الله عليه لسبع عشرة سنة من مقدمه ولمائة وأربعين من عمره وحمله يوسف صلوات الله عليه إلى أرض فلسطين وخرج معه أكابر مصر وشيوخها باذن من فرعون واعترضهم بعض الكنعانيين في طريقهم فأوقعوا بهم وانتهوا إلى مدفن إبراهيم واسحق عليهما السلام فدفنوه في المغارة عندهما وانتقلوا إلى مصر وأقام يوسف صلوات الله عليه بعد موت أبيه ومعه اخوته إلى أن أدركته الوفاة فقبض لمائة وعشرين سنة من عمره وأدرج في تابوت وختم عليه ودفن في بعض مجارى النيل وكان يوسف أوصى أن يحمل عند خروج بنى إسرائيل إلى أرض اليفاع فيدفن هنا لك ولم تزل وصيته محفوظة عندهم إلى أن حمله موسى صلوات الله عليه عند خروجه ببني إسرائيل من مصر ولما قبض يوسف صلوات الله عليه وبقي من بقي من الأسباط اخوته وبنيه تحت سلطان الفراعنة بمصر تشعب نسلهم وتعددوا إلى أن كاثروا أهل الدولة وارتابوا بهم فاستعبدوهم قال المسعودي دخل يعقوب إلى مصر مع ولده الأسباط وأولادهم حين أتوا إلى يوسف في سبعين راكبا وكان مقامهم بمصر إلى أن خرجوا مع موسى صلوات الله عليه نحوا من مائتين وعشر سنين فتداولهم ملوك القبط والعمالقة بمصر ثم أحصاهم موسى في التيه وعد من يطيق حمل السلاح من ابن عشرين فما فوقها فكانوا ستمائة ألف ويزيدون وقد ذكرنا ما في هذا العدد من الوهم والغلو في مقدمة الكتاب فلا نطول به ووقوعه في نص التوراة لا يقضى بتحقيق هذا العدد لان المقام للمبالغة فلا تكون اعداده نصوصا وكان ليوسف صلوات الله عليه من الولد كثير الا ان المعروف منهم اثنان افراثيم ومنشى وهما معدودان في الأسباط لان يعقوب صلوات الله عليه أدركهما وبارك عليهما وجعلهما من جملة ولده وقد يزعم بعض من لا تحقيق عنده أن يوسف صلوات الله عليه استقل آخرا بملك مصر وينسب لبعض ضعفة المفسرين ومعتمدهم في ذلك قول يوسف عليه السلام في دعائه رب قد آتيتني من الملك ولا دليل لهم في ذلك لان كل من ملك شيئا ولو في خاصة نفسه فاستيلاؤه يسمى ملكا حتى البيت والفرس والخادم فكيف من ملك التصرف ولو كان في شعب واحد منها فهو ملك وقد كان العرب يسمون أهل القرى والمدائن ملوكا مثل هجر ومعان ودومة الجندل فما ظنك بوزير مصر لذلك العهد وفى تلك الدولة وقد كان في الخلافة العباسية تسمى ولاة الأطراف وعمالها ملوكا فلا استدلال لهم في هذه الصيغة وأخرى أيضا فيما يستدلون به من قوله تعالى وكذلك مكنا ليوسف في الأرض أن لا يكون
(٤١)