تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ١٧٠
أردشير في أهل فارس يريد الملك كان لآبائه قبل الطوائف وان يجمعه لملك واحد وكان اردوان ملكا على الاردوانيين وهم أنباط السواد وكان بابا ملكا على الارمانيين وهم أنباط الشأم وبينهما حرب وفتنة فاجتمعا على قتال أردشير فحارباه مناوبة ثم بعث أردشير إلى بابا في الصلح على أن يدعه في الملك ويخلى بابا بينه وبين اردوان فلم يلبث ان قتل اردوان واستولى على السواد فأعطاه بابا الطاعة بالشام ودانت له سائر الملوك وقهرهم ثم رجع إلى أمر العرب وكانت بيوتهم على ريف العراق ينزلون الحيرة وكانوا ثلاث فرق الأولى تنوخ ومنهم قضاعة الذين كنا قدمنا أنهم كانوا اقتتلوا مع ملك من التبابعة وأتى بهم وكانوا يسكنون بيوت الشعر والوبر ويضعونها غربي الفرات بين الأنبار والحيرة وما فوقها فأنفوا من الإقامة في مملكة أردشير وخرجوا إلى البرية والثانية العباد الذين كانوا يسكنون الحيرة وأوطنوها والثالثة الاحلاف الذين نزلوا بهم من غير نسبهم ولم يكونوا من تنوخ الناكثين عن طاعة الفرس ولا من العباد الذين دانوا بهم فملك هؤلاء الاحلاف الحيرة والأنبار وكان منهم عمرو بن عدى وقومه فعمروا الحيرة والأنبار ونزلوا وخربوها وكانتا من بناء العرب أيام بختنصر ثم عمرها بنو عمرو بن عدى لما أصاروها نزلا لملكهم إلى أن صبحهم الاسلام واختط العرب الاسلاميون مدينة الكوفة فدثرت الحيرة وكان أردشير لما ملك أسرف في قتل الأشكانية حتى أفناهم لوصية جده ووجد بقصر اردوان جارية استملحها ودفعت عن نفسها القتل بإنكار نسبها فيهم فقالت أنا مولاة وبكر فواقعها وحملت وظنت الامن على نفسها فأخبرته بنسبها فتنكر ودفعها إلى بعض مرازبته ليقتلها فاستبقاها ذلك المرزبان إلى أن شكى إليه أردشير قلة الولد والخوف على ملكه من الانقطاع وندم على ما سلف منه من قتل الجارية واتلاف الحمل فأخبره بحياتها وانها ولدت ولدا ذكرا وانه سماه سابور وانه قد كملت خصاله وآدابه فاستحضره أردشير واختبره فرضيه وعقد له التاج ثم هلك أردشير فملك سابور من بعده فأفاض العطاء في أهل الدولة وتخير العمال ثم شخص إلى خراسان فمهد أمورها ثم رجع فشخص إلى نصيبين فملكها عنوة فقتل وسبى وافتتح من الشأم مدنا وحاصر أنطاكية وبها من الملوك اريانوس فاقتحمها عليه وأسره وحمله إلى جنديسابور فحبسه بها إلى أن فاداه على أموال عظيمة ويقال على بناء شادروان تستر ويقال جدع انفه وأطلقه ويقال بل قتله وكان بجبال تكريت بين دجلة والفرات مدينة يقال لها الحضر وبها ملك من الجرامقة يقال له الساطرون من ملوك الطوائف وهو الذي يقول فيه الشاعر وأرى الموت قد تدلى من الحضر * على رب أهله الساطرون - ولقد كان آمنا للدواهي * ذا ثراء وجوهر مكنون - (وقال المسعودي) وهو الساطرون بن استطرون من ملوك السريانيين قال الطبري
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»