تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ١٧٥
ولما مات أبوه قدم أهل فارس رجلا من نسل أردشير ثم زحف بهرام جور بالعرب فاستولى على ملكه كما نذكر في أخبار آل المنذر وفي أيام بهرام جور سار خاقان ملك الترك إلى بلاد الصغد من ممالكه فهزمه بهرام وقتله ثم غزا الهند وتزوج ابنة ملكهم فهابته ملوك الأرض وحمل إليه الروم الأموال على سبيل المهادنة وهلك لتسع وعشرين من دولته وملك ابنه يزدجرد بن بهرام جور واستوزر مهر برسى الحكيم الذي كان أبوه استوزره وجرى في ملكه بأحسن سيرة من العدل والاحسان وهو الذي شرع في بناء الحائط بناحية الباب والأبواب وجعل جبل الفتح سدا بين بلاده وما وراءها من أمم الأعاجم وهلك لعشرين سنة من دولته وملك من بعده ابنه هرمز وكان ملكا على سجستان فغلب على الدولة ولحق أخوه فيروز بملك الصغد بمرو الروذ وهذه الأمم هم المعروفون قديما بالهياطلة وكانوا بين خوارزم وفرغانة فأمر فيروز بالعساكر وقاتل أخاه هرمز فغلبه وحبسه وكانت الروم قد امتنعت من حمل الخراج فحمل إليهم العساكر مع وزيره مهر برسى فأثخن في بلادهم حتى حملوا ما كان يحملونه واستقام أمره وأظهر العدل وأصابهم القحط في دولته سبع سنين فأحسن تدبير الناس فيها وكف عن الجباية وقسم الأموال ولم يهلك في تلك السنين أحد اتلافا وقيل أنه استسقى لرعيته من ذلك القحط فسقوا وعادت البلاد إلى أحسن ما كانت عليه وكان لأول ما ملك أحسن إلى الهياطلة جزاء بما أعانوه على أمره فقوى ملكهم أمره وزحفوا إلى أطراف ملكه وملكوا طخارستان وكثيرا من بلاد خراسان وزحف هو إلى قتالهم فهزموه وقتلوه وأربعة بنين له وأربعة اخوة واستولوا على خراسان بأسرها وسار إليهم رجل من عظماء الفرس من أهل شيراز فغلبهم على خراسان وأخرجهم منها حتى ألقوا بجميع ما أخذوه من عسكر فيروز من الأسرى والسبي وكان مهلكه لسبع وعشرين من ملكه وبنى المدن بالري وجرجان وآذربيجان وقال بعضهم ان ملك الهياطلة الذي سار إلى فيروز اسمه خشتوا والرجل الذي استرجع خراسان من يده هو خرسوس من نسل منوشهر وان فيروز استخلفه لما سار إلى خشتوا والهياطلة على مدينتي الملك وهما طبسون ونهر شير فكان من أمره مع الهياطلة بعد فيروز ما تقدم وملك بعد فيروز بن يزدجرد ابنه يلاوش بن فيروز ونازعه أخوه قباذ الملك فغلبه يلاوش ولحق قباذ بخاقان ملك الترك يستنجده وأحسن يلاوش الولاية والعدل وحمل أهل المدن على عمارة ما خرب من مدنهم وبنى مدينة ساباط بقرب المدائن وهلك لأربع سنين من دولته وملك من بعده أخوه قباذ بن فيروز وكان قد سار بعساكر الترك أمده بها خاقان فبلغه الخبر بمهلك أخيه وهو بنيسابور من طريقه وقد لقى بها ابنا كان له هنا لك حملت به أمه منه عند مروره ذلك إلى خاقان
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»