ذراعا وجعل لها بابين لاصقين بالأرض كما روى في حديثه وجعل فرشها وإزرها بالرخام وصاغ لها المفاتيح وصفائح الأبواب من الذهب. ثم جاء الحجاج لحصاره أيام عبد الملك ورمى على المسجد بالمنجنيقات إلى أن تصدعت حيطانها ثم لما ظفر بابن الزبير شاور عبد الملك فيما بناه وزاده في البيت فأمره بهدمه ورد البيت على قواعد قريش كما هي اليوم ويقال إنه ندم على ذلك حين علم صحة رواية ابن الزبير لحديث عائشة وقال وددت أني كنت حملت أبا حبيب في أمر البيت وبنائه ما تحمل فهدم الحجاج منها ست أذرع وشبرا مكان الحجر وبناها على أساس قريش وسد الباب الغربي وما تحت عتبة بابها اليوم من الباب الشرقي وترك سائرها لم يغير منه شيئا فكل البناء الذي فيه اليوم بناء ابن الزبير وبناء الحجاج في الحائط صلة ظاهرة للعيان لحمة ظاهرة بين البناءين والبناء متميز عن البناء بمقدار إصبع شبه الصدع وقد لحم. ويعرض ههنا إشكال قوي لمنافاته لما يقوله الفقهاء في أمر الطواف ويحذر الطائف أن يميل على الشاذروان الدائر على أساس الجدر من أسفلها فيقع طوافه داخل البيت بناء على أن الجدر إنما قامت على بعض الأساس وترك بعضه وهو مكان الشاذروان وكذا قالوا في تقبيل الحجر الأسود لا بد من رجوع الطائف من التقبيل حتى يستوي قائما لئلا يقع بعض طوافه داخل البيت وإذا كانت الجدران كلها من بناء ابن الزبير وهو إنما بني على أساس إبراهيم فكيف يقع هذا الذي قالوه ولا مخلص من هذا إلا بأحد أمرين أحدهما أن يكون الحجاج هدم جميعه وأعاده وقد نقل ذلك جماعة إلا أن العيان في شواهد البناء بالتحام ما بين البناءين وتمييز أحد الشقين من أعلاه على الآخر في الصناعة يرد ذلك وإما أن يكون ابن الزبير لم يرد البيت على أساس إبراهيم مع جميع جهاته وإنما فعل ذلك في الحجر فقط ليدخله فهي الآن مع كونها من بناء ابن الزبير ليست على قواعد إبراهيم وهذا بعيد ولا محيص من هذين والله تعالى أعلم. ثم إن مساحة البيت وهو المسجد كان فضاء للطائفين ولم يكن عليه جدر أيام النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر من بعده ثم كثر الناس فاشترى عمر رضي الله عنه دورا هدمها وزادها في المسجد وأدار عليها جدارا دون القامة وفعل مثل ذلك عثمان ثم ابن الزبير ثم الوليد بن عبد الملك وبناه بعمد
(٣٥٢)