الكعبة فأخذ ما في خزائنها وقال ما تصنع الكعبة بهذا المال موضوعا فيها لا ينتفع به نحن أحق به نستعين به على حربنا وأخرجه وتصرف فيه وبطلت الذخيرة من الكعبة من يومئذ. (واما بيت المقدس) وهو المسجد الأقصى فكان أول أمره أيام الصابئة موضع الزهرة وكانوا يقربون إليه الزيت فيما يقربونه يصبونه على الصخرة التي هناك ثم دثر ذلك الهيكل واتخذها بنو إسرائيل حين ملكوها قبلة لصلاتهم. وذلك أن موسى صلوات الله عليه لما خرج ببني إسرائيل من مصر لتمليكهم بيت المقدس كما وعد الله أباهم إسرائيل وأباه إسحاق من قبله وأقاموا بأرض التيه أمره الله باتخاذ قبة من خشب السنط عين بالوحي مقدارها وصفتها وهياكلها وتماثيلها وأن يكون فيها التابوت ومائدة بصحافها ومنارة بقناديلها وأن يصنع مذبحا للقربان وصف ذلك كله في التوراة أكمل وصف فصنع القبة ووضع فيها تابوت العهد وهو التابوت الذي فيه الألواح المصنوعة عوضا عن الألواح المنزلة بالكلمات العشر لما تكسرت ووضع المذبح عندها. وعهد الله إلى موسى بأن يكون هارون صاحب القربان ونصبوا تلك القبة بين خيامهم في التيه يصلون إليها ويتقربون في المذبح أمامها ويتعرضون للوحي عندها. ولما ملكوا الشام وبقيت تلك القبة قبلتهم ووضعوها على الصخرة ببيت المقدس وأراد داود عليه السلام بناء مسجده على الصخرة مكانها فلم يتم له ذلك وعهد به إلى ابنه سليمان فبناه لأربع سنين من ملكه ولخمسمائة سنة من وفاة موسى عليه السلام واتخذ عمده من الصفر وجعل به صرح الزجاج وغشى أبوابه وحيطانه بالذهب وصاغ هياكله وتماثيله وأوعيته ومنارته ومفتاحه من الذهب وجعل في ظهره قبرا ليضع فيه تابوت العهد وهو التابوت الذي فيه الألواح وجاء به من صهيون بلد أبيه داود تحمله الأسباط والكهنوتية حتى وضعه في القبر ووضعت القبة والأوعية والمذبح كل واحد حيث أعد له من المسجد وأقام كذلك ما شاء الله ثم خربه بخت نصر بعد ثمانمائة سنة من بنائه وأحرق التوراة والعصا وصاغ الهياكل ونثر الأحجار ثم لما أعادهم ملوك الفرس بناه عزيز نبي بني إسرائيل لعهده بإعانة بهمن ملك الفرس الذي كانت الولادة لبني إسرائيل عليه من سبي بخت نصر وحد لهم في بنيانه حدودا دون بناء سليمان بن داود عليهما السلام فلم يتجاوزوها ثم تداولتهم
(٣٥٤)