تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٣٤١
ملاحم أخرى منسوبة لابن سيناء وابن عقاب وليس في شئ منها دليل على الصحة لان ذلك إنما يؤخذ من القرانات ووقفت بالمشرق أيضا على ملحمة من حدثان دولة الترك منسوبة إلى رجل من الصوفية يسمى الباجر بقي وكلها إلغاز بالحروف أولها إن شئت تكشف سر الجفر يا سؤلي * من علم جفر وصي والد الحسن فافهم وكن واعيا حرفا وجملته * والوصف فافهم كفعل الحاذق الفطن أما الذي قبل عصري لست أذكره * لكنني أذكر الآتي من الزمن بشهر بيبرس يبقى بعد خمستها * بحاء ميم بطيش نام في الكنن شين له أثر من تحت سرته * له القضاء قضى أي ذلك المنن فمصر والشام مع أرض العراق له * وأذربيجان في ملك إلى اليمن وأبياتها كثيرة والغالب أنها موضوعة ومثل صنعتها كان في القديم كثير ومعروف الانتحال حكى المؤرخون لاخبار بغداد أنه كان بها أيام المقتدر وراق ذكي يعرف بالدانالي يبل الأوراق ويكتب فيها بخط عتيق يرمز فيه بحروف من أسماء أهل الدولة ويشير بها إلى ما يعرف ميلهم إليه من أحوال الرفعة والجاه كأنها ملاحم ويحصل على ما يريده منهم من الدنيا وإنه وضع في بعض دفاتره ميما مكررة ثلاث مرات وجاء به إلى مفلح مولى المقتدر فقال له هذا كناية عنك وهو مفلح مولى المقتدر وذكر عنه ما يرضاه ويناله من الدولة ونصب لذلك علامات يموه بها عليه فبذل له ما أغناه به ثم وضعه للوزير ابن القاسم بن وهب على مفلح هذا وكان معزولا فجاءه بأوراق مثلها وذكر اسم الوزير بمثل هذه الحروف وبعلامات ذكرها وأنه يلي الوزارة للثاني عشر من الخلفاء وتستقيم الأمور على يديه ويقهر الأعداء وتعمر الدنيا في أيامه وأوقف مفلحا هذا على الأوراق وذكر فيها كوائن أخرى وملاحم من هذا النوع مما وقع ومما لم يقع ونسب جميعه إلى دانال فأعجب به مفلح ووقف عليه المقتدر واهتدى من تلك الأمور والعلامات إلى ابن وهب وكان ذلك سببا لوزارته بمثل هذه الحيلة العريقة في الكذب والجهل بمثل هذه الألغاز والظاهر أن هذه الملحمة التي ينسبونها إلى الباجربقي من هذا النوع. ولقد سألت أكمل الدين ابن
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 ... » »»