معه. ويرد إلى قصر الملك، ويجلس على سرير العزيز، فكان ذلك واستخلفه الملك مكانه وسماه العزيز.
وقال قوم كان العزيز قد هلك، فتزوج يوسف عليه السلام امرأته، فلما خلا بها قال لها هذا أفضل مما كنت أردت؟ فقالت له إن زوجي كان عنينا ولم ترك امرأة في حسنك وهيبتك إلا صبا قلبها إليك.
فأقام يوسف عليه السلام يدبر ملك مصر كيف شاء، وجاءت سني الخصب فأخذ يوسف غلاتها فخزن أكثرها في سنابلها، واشترى الغلات الجسيمة، وأكثر غلات الناس، وخزن من ذلك ما لا يحصر قدره.
ثم جاءت سني الجدب وبدأ النيل في النقصان، فكان ينقص في كل سنة أكثر من نقصانه في السنة التي قبلها، فغلا السعر حتى بيع المأكول بالجوهر والمال والثياب والآنية والعقار.
وكاد أهل مصر أن يرحلوا عنها لولا تدبير يوسف عليه السلام، وقحط أهل الشام، فكان من قصة إخوة يوسف ما قصه الله تعالى في كتابه.
ووجه يوسف إلى أبيه فحمله إلى مصر وجميع أهله، وخرج في وجوه أهل مصر، فتلقاه وأدخله على الملك، فأحبه الملك وعظمه.
فقال له يا شيخ كم سنك، وما صناعتك، وما الذي تعبده؟ فقال له أما سني فعشرون ومائة سنة، وأما صناعتي فلنا غنم نرعاها فنحن ننتفع بها ونعيش منها، وأما الذي أعبده فرب العالمين، وهو رب آبائي وآبائك وإلهي وإلهك وإله كل مخلوق وخالق كل شئ.
وكان في مجلس الملك كاهن عظيم القدر عندهم، يقال له فيناس، فلما سمع قول يعقوب عليه السلام ضاق به ذرعا، وقال لنهراوس بلغتهم إنه يجري خراب مصر على يد ولد هذا فقال له نهراوس، فبين لنا خبره.
قال فيناس ليعقوب عليه السلام إن كل إله لا تراه العيون فليس بشئ، فغضب يعقوب عليه السلام، وقال كذبت أي عدو الله، وطغيت في هذه الدنيا، إن الله تعالى شئ وليس كالأشياء، وهو خالق كل شئ لا إله غيره.