واقبل يوسف عليه السلام والمذبة بيده، وهن يرمقنه، محاذيا للشمس.
فأشرق المجلس وما فيه بوجه يوسف عليه السلام وأرسل مع نور الشمس شعاعا فكاد يخطف أبصارهن.
واقبل يوسف عليه السلام والمذبة بيده وهن يرمقنه حتى وقف على رأسها يذب عنها، وهن لا يعقلن، وقد وضعن تلك السكاكين على أيديهن وأصابعهن، فقطعنها مكان الفاكهة ولا يشعرن بذلك ولا يجدن ألما وهي تخطبهن فلا يفهمن خطابها للذي أدهشهن من النظر إلى وجه يوسف عليه السلام.
فقالت لهن زليخا ما لكن قد اشتغلتن عن فهم خطابي بالنظر إلى عبدي؟
فقلن معاذ الله أن يكون هذا عبدك أو يكون هذا بشر إن هذا إلا ملك كريم، ولم تبق منهن واحدة الا أنزلت وحاضت من محبته.
فقالت لهن زليخا عند ذلك فهذا الذي لمتنني فيه، فقلن لها ما ينبغي لاحد أن يلومك بعد هذا، ومن لامك فقد ظلمك فدونكه، وقالت قد فعلت فأبى على فخاطبنه إن قدرتن واعدنه الخير مني وحذرنه عقوبتي على رده لي، فكانت كل واحدة منهن تدعوه إلى نفسها سرا، وتبذل له ما قدرت عليه وهو يمتنع، فإذا قطعت رجاءها منه لنفسها حينئذ خاطبته عن زليخا، وقالت له مولاتك تحبك وأنت تكرهها، وما ينبغي أن تخالفها وهي تبلغك إلى أفضل المنازل، وتعطيك من الأموال والجواهر فوق ما يرضيك، فيقول ما لي بذلك من حاجة، فلما رأين ذلك منه أجمعن على أخذه غصبا.
فقالت زليخا ما يجوز ذلك ولا يمكن، ولكنه ان لم يفعل لأمنعنه اللذات، ولأنزعن عنه جميع ما أعطيته ولأسجننه.
فقال يوسف عليه السلام رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه، فأقسمت بإلهها، وكان صنما من زبرجد أخضر باسم عطارد أنه إن لم يجبها إلى ما تريده لتعجلن له ذلك وكشفت عن الصنم واستعانته على أمره، ثم أمرت بنزع ثيابه وألبسته الصوف وسألت زوجها أن يحبسه لها ليزول عنها ذكرها به فمال إلى قولها لئلا يظن الناس بأهله القبيح، وعسى [أن] ينفي عنها القالة بذلك.