قال فصفه لنا، قال إنما يوصف المخلوق لا الخالق عز وجل، لأنه ارتفع عن الصفات، فهو واحد قديم أول أزلي قاض بكل شئ مدبر لكل شئ بلا كيف هو، حاضر في كل مكان لم يعزب عن علمه مثقال ذرة في ظلمات البحر، ولا أعماق الأرض، ولا في اطباق السماوات وهو يرى ولا تراه العيون ولا يحيط به فكر ولا يحويه مكان، وكان قبل المكان والزمان، وخلق المكان والزمان.
ثم قام يعقوب صلى الله عليه وسلم مغضبا ليخرج، فأجلسه الملك وامر فيناس ان يكف عنه، ويأخذ في غير ذلك، قال كم عدة من دخل معك من الرجال؟
قال ستون رجلا.
قال فيناس للملك كذلك نجد في كتبنا أن خراب مصر يجري على يد قوم يدخلون مصر في هذا العدد من الشأم من صنف هؤلاء.
قال الملك أيكون ذلك في أيامنا؟ قال لا ولكن إلى أمد بعيد، ولكن الصواب أن يقتله الملك ولا يستبقي من ذريته أحدا.
قال الملك نهراوس إن كان الامر كما تقول فلا يمكننا دفعه ولا علينا منه ضرورة إذا لم نخف أن يجري ذلك في مدتنا أن نقتل هؤلاء القوم، وهم يذكرون أمر إله عظيم.
وغيرنا ممن يخاف أن يدور ذلك عليه أحق بالنظر فيه، وقد قبل قلبي قول هذا الرجل، وأعجبني امره، وهو شيخ جليل القدر، وليس إلى إذايته سبيل، فخاطبه بألين كلام وناظره إن شاء مناظرتك.
فجرت بين يعقوب عليه السلام وبين فيناس بعد ذلك مخاطبات لين له فيها القول، وظهر فيها يعقوب عليه السلام [عليه].
وأحب يعقوب أن يعرف خبر مصر ومدائنها وعجائبها وسحرها وطلسماتها، فسأل عن قليل ذلك وكثيره فيناس عند خلوته به.
واستحلفه بحق فرعون أن لا يكتمه شيئا منه، فوصف له ذلك كله وبينه وشرح غرائبه، حتى لم يخف عن يعقوب عليه السلام شيئا منها.