وكان نهراوس قد عاود الانعكاف على اللذات، والاحتجاب عن الناس لما كان العزيز كفاه من أمر الملك والرعية.
واتصل خبر زليخا مع يوسف عليه السلام بنساء من نساء أصحاب الملك فعيرنها بذلك.
فأحضرت منهن جماعة وعملت لهن طعاما، فلما أكلنه أحضرت لهن شرابا، وأجلستهن مجلسين مجلسا حذاء مجلس، مذهبين جميعا، وفرشتهما بالديباج الأصفر المذهب، وأرخت عليهما ستور الحرير والديباج.
وجلسن فيهما للشراب وقدمت بين أيديهن فاكهة كثيرة، وسكاكين أنصبتها من الجوهر، وقالت لهن اقطعن من هذه الفاكهة بهذه السكاكين، ويقال إن الذي كان ينزل بين أيديهن أترج وهو المتكأ، فأمرت المواشط بتزيين يوسف عليه السلام. وإخراجه إلى المجلس الذي كانت تجلس هي فيه والنسوة للشراب. وكانت الشمس ذلك الوقت محاذية لذلك المجلس. فأخذته المواشط ونظمن شعره بأصناف الجوهر. وألبسنه ثوب ديباج أصفر منسوج بدوائر مذهبة.
وفيها صور خضر صفار. وعدلن شعره على جبينه إلى قرب حاجبيه.
ووصلن جبهته، وعقربن على خديه صدغيه، ورددن ذؤابته على صدره.
ودفعن إليه بمذبة ذهب شعرها أخضر.
فلما فرغ النسوة من أكلهن وجلسن للشراب، وأحضرت الفواكه وسقتهن أقداحا دفعت إليهن السكاكين، وقالت لهن قد بلغني ما أخذتن فيه من أمري مع عبدي. فقلن لها إن الامر على ما بلغك إلا أنك أعلى عندنا قدرا من هذا ومثلك يرتفع عن أولاد الملوك لحسنك وشرفك وعقلك، فكيف كنت ترضين بعبدك؟ قالت لم يبلغكن الصدق عني. ولم ارض لنفسي بذلك، فلو رضيته لكان هو اهلا لذلك، وشارت إلى المواشط باخراجه، فرفعت ستور المجلس الذي يحاذي مجلسها