البذخ. ونحن لا نستعمل شيئا منه فاستغنينا عنه بما قد اكتفينا به. ومع ذلك فانا قد رزقنا منه ما لو رأيته لحقرت ما عندك. قال فأرنيه! قال فسر معي، قال فانطلق الملك ونفر من أصحابه معه إلى أرض في سفح جبل يتصل بهم فرأوا فيه قضبان الذهب نابتا، وأروه واديا لهم على حافتيه حجارة الزبرجد والفيروزج.
فأمر نهراوس أصحابه أن يتخيروا من جياد تلك الحجارة، ويحملوا منها ما يقدروا عليه ففعلوا، ورجع بهم إلى مصر فرأوا قوما من أهل العسكر يحملون صنما لهم ويعظمون امره، فجزع من ذلك، وسأل [الرجل] الملك أن يقيم بأرضهم، ونهاه عن عبادة الأصنام وخوفهم منها.
فسأله نهراوس أن يدله على الطريق، ففعل وودعه وسار على السمت الذي وصفه له، فلم يمر على أمة إلا أثر فيها اثرا إلى أن بلغ إلى ارض النوبة، فصالح أهله على ما يحملونه إليه ثم أتى إليه دنقلة فأقام بها علما وزبر اسمه عليه ومسيره وجميع ما عمله في سفرته تلك.
ثم سار منها يريد منف فلم يبق أحد إلا خرج إليه مع العزيز، وتلقوه بأصناف الطيب والرياحين والبخورات والملاهي وغرائب الألعاب.
وكان العزيز قد بنى له مجلسا من الزجاج الغريب الأبيض الصنعة الملون، وجعل فيه صهريجا من زجاج سماوي، وجعل في ارضه سمكا من الزجاج الغريب فلما دخل منف أنزله العزيز في ذلك المجلس، وأقام الناس أياما في لهو وسرور يأكلون ويشربون.
وأمر بعرض جيشه ففقد سبعين ألفا، وقد كانوا خرجوا في ألف ألف، وكانت غيبته أحد عشر عاما.
ولما سمع الملوك بذكر ما عمل في سفره، وما غلب من الأمم، وما فتح من البلاد، وقتل وأسر من الخلق هابوه وخافوه، لشدة بأسه وعظيم سلطانه.