وكان له أربعة أولاد: حجر، وشرحبيل، وسلمة الغلفاء، ومعديكرب، فملك حجرا في أسد وكنانة، وملك شرحبيل على غنم وطئ والرباب، وملك سلمة الغلفاء على تغلب والنمر بن قاسط، وملك معديكرب على قيس بن عيلان، وكانوا يحاورون ملوك الحيرة، فقتل الحارث، وقام ولده بما كان في أيديهم، وصبروا على قتال المنذر، حتى كافأوه.
فلما رأى المنذر تغلبهم على أرض العرب نفسهم ذلك، وأوقع بينهم الشرور، فوجه إلى سلمة الغلفاء بهدايا، ثم دس إلى شرحبيل من قال له:
ان سلمة أكبر منك، وهذه الهدايا تأتيه من المنذر، فقطع الهدايا، فأخذها، ثم أغرى بينهما، حتى تحاربا، فقتل شرحبيل، فكانت معه تميم وضبة، فلما قتل خاف الناس أن يقولوا لأخيه سلمة: ان أخاك قد قتل، وجعل يسمع قولهم، فجزع لقتل أخيه، وندم على أن المنذر إنما أراد أن يقتل بعضهم بعضا، فقال:
إن جنبي عن الفراش لناب، * كتجافي الأسر فوق الظراب من حديث نمى إلي، فما يرقأ * دمعي، ولا أسبغ شرابي وتنكرت بنو أسد بحجر بن عمرو، وساءت سيرته فيهم، وكانت عنده فاطمة بنت ربيعة، أخت كليب ومهلهل، فولدت له هندا، فلما خاف على نفسه حملها، فاجتمعت بنو أسد على قتله، فقتلوه، وادعى قبائل من بني أسد قتل حجر، وكان القائم بأمر بني أسد علباء بن الحارث أحد بني ثعلبة.
وكان امرؤ القيس بن حجر غائبا، فلما بلغه مقتل أبيه جمع جمعا، وقصد لبني أسد، فلما كان في الليلة التي أراد أن يغير عليهم في صبيحتها نزل بجمعه ذلك، فذعر القطا، فطار عن مجاثمه، فمر ببني أسد، فقالت بنت علباء:
ما رأيت كالليلة قطا أكثر! فقال علباء: لو ترك القطا لغفا ونام، فأرسلها مثلا.